فقد وردني من منظمة الدعوة الإسلامية استفتاء حول بيان الحكم الشرعي والرأي الفقهي لمدة إمكانية إعادة توجيه مبالغ كفالات شهرية تعثر إرسالها، إلى مشاريع صغيرة مدرة للدخل.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الرحمة ومن تبع هداه. وبعد..
ففي الحالة المذكورة في السؤال، وفي ظل الظروف الحالية التي يكون من العسير توصيل هذه الكفالات إلى مستحقيها، نرى ما يأتي:
أولاً: الأصل المتفق عليه بين الفقهاء هو وجوب مراعاة شروط الوقف، والمتصدق مادامت هذه الشروط مباحة، وعليه فيجب أن تصرف الأموال المخصصة لكفالة اليتيم، أو المسجد، أو غير ذلك فيما خصصت له، يقول ابن القيم في إعلام الموقعين (1/236)” الواقف لم يخرج ماله إلا على وجه معين، فلزم اتباع ما عيّنه في الوقف من ذلك الوجه” ويراجع في المعنى نفسه الفتاوى للسبكي (2/ 214) ودرر الحكام (2/138) وغيرهما.
ثانيًا: إذا لم يمكن تحقيق شروط الواقف، أو المتصدق – كما في السؤال – فالمطلوب الآتي حسب التسلسل:
أ- أن تصرف هذه الأموال في مصالح اليتامى مثل تعليمهم، أو رعايتهم الصحية، أو بناء مراكز صحية، أو مدارس لهم، أو نحو ذلك مما يخصهم.
ب- إذا لم يمكن ما ذكرناه في –أ- فيجوز أن تصرف على الفقراء المحتاجين جدًا، أو على طلبة العلم المحتاجين، أو نحو ذلك بعد النظر والمشورة فيما هو الأصلح، قال ابن تيمية “ويجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه..” وبمثله قال الشوكاني في السيل الجرار (4/ 510) وهذا يحمل عند عدم القدرة على تنفيذ شروط الواقف المشروعة، لأن الأصل عندهما أيضًا هو الالتزام بشروطه.
ج- أما المقترح الذي ذكر في السؤال من صرف الأموال المرصودة لليتامى… في “مشاريع صغيرة مدرة للدخل” فإن المقصود بها استثمار تلك الأموال، والصرف من ريعها فلا أراها جائزة في هذه المسألة، لما فيها من مخاطر استثمارية.
ولكن إن اشتريت بها أدوات الإنتاج وتُملك إلى الفقراء هذا جائز بإذن الله.
هذا والله أعلم بالصواب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه الفقير إلى ربه
أ.د. علي محيي الدين القره داغي
الأمين العام للاتحاد العالميّ لعلماء المسلمين