هل يجوز تخصيص ابن من أبناء الرجل بوصيّة تخصّ إرثه منه

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، وبعد

السؤال الأول: شخص يمتلك عقارًا، وقد رزقه الله سبحانه وتعالى بالأولاد والبنات، وهذا الشخص لديه قناعة بأن أحد هؤلاء الأبناء قد يسبب بعض القلائل والفرقة بين الأسرة بعد ممات المورث، فهل يجوز لهذا الشخص أن يكتب في وصيته بأن يتم تقييم هذا العقار بعد وفاته ويتم إعطاء هذا الابن نصيبه من الميراث نقدًا وعدم مشاركته في هذا العقار مع باقي إخوانه وأخواته وذلك درءًا للمشاكل قد تحدث مستقبلاً.

الجواب:

فإن من المتفق عليه أن جميع التصرفات المالية للإنسان إذا علقها بما بعد موته فإنها تدخل في الوصية، وبما أنها تتعلق بالإرث والمال فلا تكون ملزمة للورثة شرعًا وحسب القانون القطري أيضًا، وإنما يعود الأمر إلى رضاء الورثة جميعًا وتوافقهم، كما أن هذه الوصية تورث شيئًا من الضغناء بين الوالد الموصي، والولد الذي يستبعد، لذلك لا ننصح به.

 ولكن هناك حل، وهو أن يقيم العقار الآن تقييمًا عدلاً ويوزع هذا العقار على الموجودين، ثم يعطي للولد ما يعادل نسبته من العقار نقدًا، ثم يسجل العقار باسم البقية.

 وهذا الحل إنما يجوز إذا كان الشخص له أموال أخرى، حتى لا يحرم ورثته الجدد أي الذين يأتون بعد التقسيم.

السؤال الثاني: شخص يمتلك شركة من الشركات ورزقه الله عددًا من الأولاد وقد أوصى بأن يتم استخراج نسبة من الأرباح سنويًا، يتم التصرف منها في أعمال الخير المختلفة حسب ما يرى القائم على تنفيذ الوصية.. ولقد قام أحد الأبناء الورثة ببيع حصته في هذه الشركة.. فما هو موقف هذا الشخص الذي قام ببيع حصته بخصوص النسبة الموصى بها.

الجواب:

في هذه الحالة يجب على هذا الوارث أن لا يبيع إلاّ ما يخصه بعد إخراج نسبة الوصية، فمثلاً لو أن الوصية بالثلث، فهذا يعني أن الثلث يخرج عن جميع أنصبة الورثة، فلو أراد (أ) من الورثة أن يبيع حصته، فيجب عليه أن يبيع حصته بعد إخراج نسبة الثلث أي يبيع ثلثي حقه من الشركة، كما أنه لا يجوز للناظر أن يسمح لأي وريث ببيع كامل حصته إلاّ بعد استخراج نسبة الوصية وهي الثلث في مثالنا.

 وإذا حدث أن أحد الورثة باع حصته بالكامل دون ملاحظة الوصية فهذا من الظلم للمورث والاثم الكبير فقال تعالى: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 181]، وبقية الورثة ليس عليهم ذنب إذا لم يكونوا قد قصروا في حق الوصية وحمايتها شرعًا وقانونًا، ولكن يبقى حق مورثهم الموصي بحماية الوصية.

 ومن جانب آخر فإن البيع فيما يخص الثلث بيع باطل شرعًا لأنه باع ما لا يملكه، وأن المشتري آثم أيضًا إذا علم بالوصية، لذلك فالحل هو فسخ البيع فيما يخص حق الوصية.

 وإذا لم يكن ذلك الوارث البائع يرضى بإرجاع المبلغ الذي يخص نسبة الوصية فعلى بقية الورثة – من باب البر بوالدهم – أن يسعوا لإعادة هذا الجزء ودفع ثمنه إما من أموالهم، أو من أموال الموصي إن وجدت إذا تعذر رده من الوارث البائع.

 والحل هو أن يتفق الناظر – إن وجد – أو الورثة فورًا لحماية وصية مورثهم قانونيًا من خلال التسجيل أو الوقف، وإلاّ فيكونون آثمين في أنهم لم يقوموا بحماية الوصية، ولا سيما أمام هذا المؤشر الخطير الذي قد لا ينتهي بهذا الشخص الذي باع حصته مع حصة الوصية، بالإضافة إلى ما يحدث للأحفاد في المستقبل.

 فهذه الوصية في أعناقكم جميعًا يجب عليكم أن تجدوا لها حماية قانونية وشرعية، وإلاّ دخلتم في الآية السابقة.

آخر الفتاوى