السؤال: وردتني مجموعة من الأسئلة المتنوعة تدور حول المفطرات القديمة والمعاصرة، لذلك أذكر في ذلك مجموعة من المبادئ والضوابط والأحكام الشرعية ثم أختمها بقرار المجمع بهذا الصدد.
الجواب:
أولاً ـ ضابط ما يفطر الصائم:
إن الفقهاء ـ قديمًا وحديثًا ـ قد اختلفوا اختلافًا كبيرًا في هذا الموضوع بين موسع جدًا في المفطرات، وبين مضيق كالظاهرية، وبين متوسط معتدل.
والرأي الأخير هو الذي نتبناه، ولكنه يحتاج إلى بعض المقدمات الممهدات، وهي:
- أن الصيام إنما يتحقق بالامتناع عن الأكل والشرب، والمعاشرة الزوجية (الجماع والإنزال) وبعبارة موجزة: الامتناع عن شهوة البطن والفرج، وبالتالي فإن كل ما يدخل في المعدة بالطريقة العادية فهو مبطل للصيام، وكذلك الجماع، أو الإنزال، أو نحو ذلك مما هو من المقدمات الأساسية على تفصيل في ذلك، قال ابن قدامة: (أجمع العلماء على الفطر بالأكل والشرب بما يتغذى به).
ولو أضفنا في هذا المجال: ضرورة الامتناع عن المحرمات مثل الغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، ونحو ذلك، فإن من يقع في هذه المحرمات إن لم يبطل صومه، فقد نقص من ثواب صيامه.
- أن العلماء وسعوا دائرة الجوف، فمنهم من اعتبر أن كل شيء دخل في جوف الإنسان فهو مفطر، في حين أن التحقيق أن المقصود به هنا هو البطن والمعدة.
ثانيًا ـ صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 93 (1/10) بشأن المفطرات في مجال التداوي، وهو: (( إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23 – 28 صفر 1418هـ الموافق 28 حزيران (يونيو) – 3 تموز (يوليو) 1997م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع المفطرات في مجال التداوي، والدراسات والبحوث والتوصيات الصادرة عن الندوة الفقهية الطبية التاسعة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، بالتعاون مع المجمع وجهات أخرى، في الدار البيضاء بالمملكة المغربية في الفترة من 9 – 12 صفر 1418هـ الموافق 14-17 حزيران (يونيو) 1997م، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء، والنظر في الأدلة من الكتاب والسنة، وفي كلام الفقهاء،
قرّر ما يلي:
أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:
- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق،
- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
- ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
- ما يدخل الإحليل أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذ اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.
- غاز الأكسجين.
- غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية.
- ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.
- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.
- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى.
- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة).
ثانيًا: ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكور فيما سبق.
ثالثًا: تأجيل إصدار قرار في الصور التالية، للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة في أثرها على الصوم، مع التركيز على ما ورد في حكمها من أحاديث نبوية وآثار عن الصحابة:
أ- بخاخ الربو، واستنشاق أبخرة المواد.
ب-الفصد، والحجامة.
ج- أخذ عينة من الدم المخبري للفحص، أو نقل دم من المتبرع به، أو تلقي الدم المنقول.
د- الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقنًا في الصفاق (الباريتون) أو في الكلية الاصطناعية.
ه- ما يدخل الشرج من حقنة شرجية أو تحاميل (لبوس) أو منظار أو إصبع للفحص الطبي.
و- العمليات الجراحية بالتخدير العام إذا كان المريض قد بيت الصيام من الليل، ولم يعط شيئًا من السوائل (المحاليل) المغذية.
والله أعلم.)[1].