السؤال: أنا شخص كثير الأسفار، وكلما أسأل أحد العلماء عن موضوع الصيام في السفر أسمع أجوبة مختلفة، فالمرجو منك أن تعطيني جوابًا شافيًا كافيًا.
الجواب:
أولاً: إن اختلافات الفقهاء في الفروع الفقهية رحمة وسعة على الأمة حيث يجوز الأخذ بكل رأي معتبر من فقيه ثقة، لذلك فلا تقلق على هذا الاختلاف، فهذا من الرحمة، وعظمة الشريعة وسعتها، ورفع الحرج فيها.
ثانيًا: الرأي عندي هو ما يأتي:
- الفطر للمسافر والمريض رخصة، وبالتالي فالأفضلية تختلف من شخص إلى آخر، فمن كان قادرًا على الصيام دون مشقة وحرج فالصيام أفضل له، ولا سيما إذا خاف الانشغال في بقية الأعوام عن القضاء، فقال تعالى:(وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)[1] أما من كان تصيبه مشقة وحرج في صيامه بسبب السفر، أو المرض فإن فطره أفضل، وعلى هذا تحمل الأحاديث الدالة على أنه (ليس من البر الصيام في السفر).
ويدل على ما سبق حديث أبي الدرداء المتفق عليه فقال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حر حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم، إلاّ ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة) وفي حديث صحيح آخر عن أنس بن مالك قال: (كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم).
- أما مدة السفر التي يجوز فيها الإفطار فمحل خلاف، فالجمهور على أنها لا بد أن تكون في حدود 80كم إلى 90كم، ولكن بعض الفقهاء لم يشترطوا ذلك، وإنما اشترطوا تحقق (السفر) لغة وعرفًا، لأن الشرع لم يحدد له زمنًا محددًا، ولا مقدارًا محددًا، لذلك يبقى على أصل اللغة والعرف.
لذلك فما يسمى في العرف واللغة سفرًا يجيز الإفطار في رمضان، والجمع والقصر بالنسبة للصلوات، ولكن الأحوط هو الأخذ برأي الجمهور، أي: السفر لمسافة لا تقل عن 80 كم.