الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد
ففي ظل انفراج الوباء في بعض الدول، والحمد لله، نفتي بضرورة فتح المساجد والجوامع في كل البلاد والمدن والقرى التي تسمح فيها السلطات الصحية بالتجمع العام وفقًا للقواعد الصحية، لأداء صلوات الجمعة والجماعات والتراويح، والاعتكاف فيها، مع وجوب الالتزام بالضوابط الصحية والإجراءات الاحترازية والوقائية اللازمة.
وذلك لأن الأصل العام باتفاق الجميع هو فتح الجوامع والمساجد لتعمّر بذكر الله تعالى، وإقامة الجمع والجماعات والتراويح، والاعتكاف، ولكن بسبب الخوف من تفشي جائحة كورونا (كوفيد 19) صدرت الفتاوى منا ومن غيرنا بوجوب الالتزام بالقواعد الصحية والتوجيهات المانعة من التجمع حفاظًا على مقصد النفس.
وكل الفتاوى اعتمدت على أن ذلك كان من باب الضروريات التي تبيح المحظورات، ولكنها حسب النص القرآني مقيدة بأن تقدر بقدرها فقال تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة البقرة / الآية 173، حيث حدد عدم الاثم في ارتكاب محظور لضرورة لا يتجاوز فيها الإنسان فلا يكون باغيًا ومعتديًا، ولا متجاوزًا حدود الضرورة.
وبما أن هناك انفراجًا في هذه الجائحة – والحمد لله – حيث نرى أن بعض الدول بدأت بالسماح بالتجمع العام، لذلك يجب أن يشمل هذا السماح تجمع صلاة الجمعة والجماعات والتراويح، والاعتكاف، وفقًا للضوابط الصحية المحددة التي يجب على المصلين الالتزام التام بها، حتى يعود الناس إلى جوامعهم الذين اشتاقوا إليها كثيرًا، لمزيد من العبادة والدعاء والتضرع إلى الله تعالى برفع هذه الجائحة وإزالتها كليًا عن العالم.
وبناء على ما سبق فإن الواجب هو ما يأتي:
أ- وجوب السماح بإقامة صلاة الجمعة والجماعات، والتروايح، والاعتكاف في كل مدينة، أو بلدة، أو قرية تسمح لها الجهات الصحية بالتجمع العام فيها.
ب- ضرورة عودة المصلين إلى جوامعهم ومساجدهم لإعمارها بذكر الله تعالى وإقامة الجمع والجماعات والتراويح قال تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) سورة التوبة / الآية 18 والتعمير هنا يشمل التعمير المعنوي والتعمير المادي.
ج- الالتزام بجميع الضوابط الصحية التي تضعها الجهات المتخصصة، مثل:
1-ضرورة وجود حراس أمن لضبط تنظيم الدخول والخروج والجلوس وفقًا للضوابط الصحية.
2- دخول 30 % من الطاقة الاستيعابية للمسجد.
3- وجود مقياس لقياس حرارة كل من يدخل إلى المسجد.
4- تعقيم المسجد والمصلين والعاملين.
5- وجود سجادة مع كل مصلٍ.
6- الالتزام بمسافة الفصل في حدود مترو نصف بين كل مصلّ ومصلّ وآخر.
7- اختصار القراءة في الصلاة، والاكتفاء بأداء الصلوات دون الجلوس بعدها للوعظ ونحوه.
هذا والله أسأل أن يرفع هذا الجائحة عن العالم، ويزيلها عليها كليًا، وأن يحفظ الجميع ويتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وبخاصة قيام العشر الآواخر وليلة القدر قال تعالى: (إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ) سورة القدر / الآية 1-5
هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه الفقير إلى ربه
الدوحة في 21 رمضان 1441هـ الموافق 14 May 2020 |
أ.د. علي محيى الدين القره داغي