مربي الحلال (مالكي الثروة الحيوانية) في دولة قطر

فضيلة الشيخ أ.د. علي محيى الدين القره داغي حفظه الله

الرئيس والعضو التنفيذي لهيئة الفتوى والرقابة الشرعية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد

 فإن مربي الحلال (مالكي الثروة الحيوانية) في دولة قطر – من خلال البطاقات التموينية الصادرة رسميًا من الدولة لهذا الغرض- يحصلون على مقرراتهم من الأعلاف المدعومة من الشعير والشوار، في سبيل دعم عمليات تنمية قطاع الثروة الحيوانية في البلاد، وحسب أهل الخبرة والتجربة فإن هذه الأعلاف غير مرضية من حيث الفيتامينات المتوفرة، وليست كافية لدعم وإكساب إنتاجية عالية بالنسبة للألبان واللحوم. 

لذلك يلجأ بعض هؤلاء الملاك الناشطين في قطاع الثروة الحيوانية ولغرض التحكم في الإنتاج وكمياته من الألبان واللحوم، إلى استخدام الأعلاف المركبة المتوفرة في السوق خارج نظام الدعم لارتفاع تكلفتها وأسعارها، ولكنها غنية بالمواد البروتينية والفيتامينات وتجعل الماشية تدر لحومًا وألبانًا أكثر.

إن الإجراء الذي يتم أو يسعى البعض لتطبيقه، هو: استخدام كمية الأعلاف المدعومة من الدولة للحصول على كمية أقل منها في السوق من الأعلاف المركبة الغنية بالبروتينات وذات الجودة المناسبة.

وفيما يلي صفة الأعلاف وسبب مبادلتها:

الأعلاف المدعومة الموزعة من الدولة، عبارة عن كمية من الشعير والشوار (النخالة) معبأة في أكياس منفصلة على حدة كمواد خام.

أما الأعلاف المركبة المتوفرة في السوق، فهي عبارة عن: أعلاف مجهزة ذات جودة محددة ومهيأة للاستخدام معبأة في أكياس بأوزان معينة ومرخصة للبيع وهي مركبة من عدة مواد منها: الشعير، والشوار، والبرسيم، وفول الصويا، والتبن، وبروتينات….الخ

وأن الدافع للمبادلة، أن الأعلاف المدعومة لا تتوفر فيها الجودة المطلوبة إلاّ بعد خلطها بمواد أخرى باستخدام معدات ومكان معد لهذا الغرض، وليس هذا متاحًا للجميع، بالإضافة إلى التكلفة والجهد.

وبالرجوع إلى فتاواكم يفهم منها أن كل مطعوم مكيل أو موزون فإنه يجري فيه الربا، للتكرم ببيان الحكم الشرعي بارك الله فيكم

الجواب:

أولا ً- إن الأعلاف المدعومة من الدولة بما أنها تصرف وفقًا للبطاقة التموينية المخصصة لغرض معين ومحدد ومتفق عليه وهو استخدامها في المشروع الوطني المرخص له لإنتاج الألبان واللحوم، لذلك لا يجوز شرعًا وقانونًا استخدام تلك الأعلاف أو التصرف فيها أو في قيمتها لغير ما خصصت وصرفت من أجله، أو أن يترتب على ذلك ضرر، أو مخالفة لأوامر الدولة وأجهزتها ومشاريعها أو أية قوانين ذات صلة واجبة الاتباع والتطبيق، لمنع وقوع الضرر المنهي عنه.

ثانيًا – في حال مبادلة تلك الأعلاف للأسباب المذكورة في السؤال – عدم امتلاك المعدات أو المكان لتحسين وتجهيز العلف المناسب – بأعلاف مركبة جاهزة أكثر جودة متوفرة في السوق خارج الدعم، فحينئذ يجب بداية الرجوع إلى الفقرة السابقة وضمان الالتزام بمضمونها، ثم على صاحب الأعلاف المدعومة أن لا يقوم بمبادلة جنس واحد (مثل الشعير) بكمية أقل أو أكثر من نفس الجنس المركب (أي الشعير) لأنه بذلك تصبح العملية ربوية محرمة وهو ربا الفضل، التي تمنعها وتحظرها الأدلة الشرعية إذ لا يجوز مبادلة مطعوم مكيل أو موزون بجنسه إلاّ بالتماثل دون زيادة وأن يتحقق فيها القبض الفوري، وهذا اجماع مبني على نصوص صحيحة وصريحة من السنة النبوية القاضية بوجوب اتمام تسليم البدلين المتماثلين بدون زيادة، منها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يدًا بيد، فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد) الحديث رواه مسلم ط. الحلبي (3/1211).

ثالثًا- إن لم يكن هناك مخالفة للقوانين ولا يوجد مانع رقابي أو ينتج عنه ضرر صحي، حينئذ يجوز شرعًا للمستفيد صاحب البطاقة التموينية استبدال تلك الأعلاف المدعومة التي في حيازته وملكه، من خلال:

أ- بيعها ثم يشتري بثمنها الأعلاف المركبة إن كان كلاهما من صنف وجنس واحد، فعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكل تمر خيبر هكذا؟) فقال: لا والله يا رسول الله! إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تفعلوا، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا) متفق عليه، ولا مانع من أن يكون المشتري للأعلاف المدعومة، هو نفسه البائع للأعلاف المركبة بشرط أن تتم صفقة البيع منفصلة عن صفقة الشراء.

ب- وبناء على ما ذكر في السؤال من أن الأعلاف المدعومة من الدولة عبارة عن كمية من الشعير الخام، وكمية أخرى منفصلة من الشوار (النخالة)، وأن الأعلاف المركبة مجهزة للبيع في السوق في أكياس، ومركبة من عدة مواد من ضمنها الشعير والشوار (النخالة) وفول الصويا والبرسيم والتبن وبروتينات وفيتامينات……الخ ففي هذه الحالة هي مختلفة الأصناف وليست من جنس واحد وحينئذ يجوز شرعًا المبادلة فيها مع المفاضلة بالزيادة أو النقص، ولكن بشرط أن يتم ذلك يدًا بيد.

والله الموفق

أ.د. علي محيى الدين القره داغي

 الدوحة في 17 شعبان 1440هـ  الموافق22 April 2019     
آخر الفتاوى