السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردت أن أستفسر بعض الاستفسارات التي حيّرتني وحيّرت ناس آخرين..
استفساراتي هي في غاية الأهميّة، وهي بالنسبة لموضوع الموسيقى.
صراحة يا شيخ هذا الموضوع حيّر بعض الناس والسبب تضارب الآراء واختلاف العلماء، مثلاً مصاحبة الموسيقى للأناشيد الهادفة التي تدعو إلى الخير، موضوع الموسيقى الذي اختلف فيه العلماء منهم من يستحلّونها ومنهم من يحرّمونها، الذين يحرّمون الموسيقى يعتمدون على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: “يستحلون المعازف” ما دام الموسيقى حلال مثل ما تقولون ما كان الرسول الكريم قال: “يستحلون”، نرى أن بعض أهل العلم الذين يحرّمون الموسيقى نرى أن هذا الأحوط، والإثباتات الذين يقومون بطرحها مقنعة، فكيف بنا لا نصدّق، وغير ذلك من يقوم بتحريم الموسيقى هم علماء أجلّاء لهم قيمتهم ووزنهم، وهم علماء ثقات فكيف بنا لا نصدقهم هذا واحد.
ثانيًا: العلماء الذين يستحلون المعازف، أدلتهم غير واضحة كفاية، فكيف بنا أن نتصرّف؟ ومن نسمع هذا ولا ذاك، ومن الأصحّ؟
وما معنى لا اجتهاد بوجود النص، فكيف تقولون حلال؟
ثالثًا:
موضوع استعمال الكحل، بعض العلماء يحللونه وبعضهم يحرمونه ويعتبرونه زينة، والذين يحرّمونه يعتمدون على دليل واضح وهي الآية الكريمة “ولا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها”، بعضهم فسّروا إلا ما ظهر منها الكحل والخاتم، وبعضهم يقولون لا يجوز استعمال الكحل أمام الأجانب.
ومن يستبيحه على أي دليل بالله عليك يستدلون، وهل توجد آية صريحة، وكيف يقومون باستحلالها وعلى أيّ أدلّة.
أرجوك أن توضّح لي بالتفصيل ما هو حكم الكحل بالله عليك؟
بارك الله فيك
الجواب:
فقد اطلعت على رسالتكم، وبما أن الوقت لا يسعفني في الرد المفصل أود أن أعطيك مبدًا عامًا في هذه الشريعة، وهو: أن هناك مسائل قطعية مجمع عليها، فلا خلاف فيها، وأن هناك مسائل غير قطعية ففيها خلاف قديم وجديد، لذلك فلا تغتم، ففي ذلك السعة والمرونة للشريعة، حيث يجوز التعامل مع المختلف فيه، ولا يجوز الانكار فيه، ولا التكفير، ولا التفسيق، ولا التفجير، فالمسألة فيها سعة ومرونة، ولا حرج على من يعمل بقول أحد العلماء الثقات، وهذا الاختلاف من إرادة الله وقدرته ومشيئته (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (سورة هود: 118)
فما تفضلتم به من أدلة حرمة الموسيقى ليست قطعية الدلالة والثبوت، فالأدلة فيها إما ظنية، أو أنها محتملة، وهكذا الأمر بالنسبة للكحل، فمنهم من أدخل الكحل في المستثنى (إلاّ ما ظهر منها) ومنهم من أدخله في الزينة غير المستثناة، فالأدلة ليست قطعية.
هذا بإيجاز شديد
وهناك مبدأ آخر في غاية من الأهمية، وهو أن الله تعالى أنزل القضايا الثوابت في العقيدة والأخلاق والمعاملات بنصوص قطعية حتى تكون بمثابة الأصول التي تحمي الأمة من الانصهار والذوبان، ثم أصبح المجال في نطاق الفرعيات والجزئيات والمسائل غير الكلية من خلال النصوص الظنية، بل قد ترك منطقة واسعة ليس فيها نص خاص، حتى يكون هناك تطوير وتحديث.
نكمل ذلك بمبدأ ثالث وهو أن الفقه رحمة وسعة، يعطى للأمة فسحة واختيارًا بحيث يكون أمامهم أكثر من رأي فيختار كل واحد ما يناسبه، وحينئذ لا يكون هناك حرج (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (سورة البقرة: من الآية 185)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.