الفتاوى والإجابات على الأسئلة والاستفسارات حول التضخم الجامح أو انهيار العملة (العملة اللبنانية نموذجًا).

توصيف الواقع المالي والنقدي في لبنان:

أود أن أذكر هنا بداية ما كتبه أحد الإخوة حول توصيف هذا الواقع:

شيخنا الفاضل الدكتور على القره داغي نفعنا الله بعلومك وأحسن إليكم وجزاكم خير الجزاء.

أتوجه اليكم بسرد للواقع المالي والنقدي في لبنان يليه سؤال أرجو منكم الإجابة واسأل الله لكم القبول.

أولاً: الموجودات والديون والخسائر

إن الأرقام الواردة في هذه الفقرة هي أرقام تقريبية تخمينية، وهذه الأرقام بعضها مُختلَف عليها وبعضها محجوب حتى عن أصحاب القرار.

1- الدين العام على الدولة اللبنانية زهاء 95 مليار دولار، ثلثيه بالليرة اللبنانية، وبذلك يكون تفصيل الدين على الشكل التالي:

  • دين بالدولار الأميركي: 32 مليار دولار
  • دين بالعملة اللبنانية: 94500 مليار ليرة لبنانية ما يعادل 63 مليار دولار حسب سعر الصرف الرسمي (1500ليرة/$)

2- الموجودات في مصرف لبنان (البنك المركزي) 16.5 مليار دولار وهي عبارة عن رأس مال المصارف المودع لدى مصرف لبنان. ويقوم المصرفي المركزي باستخدام هذه الأموال لشراء الدواء والوقود والقمح.

  1. حجم الكتلة النقدية في السوق اللبناني زهاء 12000 مليار ليرة لبنانية أي ما يعادل 8 مليار دولار حسب سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة/$)، لكن مصرف لبنان (حسب المصادر المالية) قام بضخ 10500 مليار بعد ثورة 17 تشرين لكن يظهر في الرسم فقط 6000 مليار.

4- خسائر مصرف لبنان نتيجة الهندسة المالية 40 أو 50 مليار دولار وهذا الرقم محل نزاع بين الحكومة والمصرف المركزي.

5- الإيداعات في المصارف اللبنانية بالدولار الأميركي 115 مليار دولار وبالليرة اللبنانية 35 ألف مليار ليرة ما يعادل (23 مليار دولار حسب السعر الرسمي)

6- حسب المصادر إن زهاء 70 إلى 80 بالمئة من دين الدولة هو دين داخلي من البنوك مباشرة أو من البنوك عن طريق البنك المركزي.

7- حسب المصادر أيضًا فإن نسبة ثلثي الدين هو بالليرة اللبنانية. وهذا يعني أن البنوك أو مصرف لبنان قام بتحويل 43 مليار دولار إلى الليرة اللبنانية ثم جعلها في ديون الدولة.

ثانيًا: ملخص وضع البنوك:

  • مجموع الإيداعات زهاء 138 مليار دولار
  • إيداعات بالليرة اللبنانية 23 مليار دولار
  • إيداعات بالدولار الأميركي 115 مليار دولار
  • وهي موزعة على الشكل التالي:
  • –         16.5 مليار رأس مال البنوك لدى مصرف لبنان.
  • –         23 مليار دولار ديون ليرة لبنانية لدى الدولة اللبنانية.
  • 40 مليار دولار ديون بالليرة اللبنانية من الأموال المودعة بالدولار أصلاً.
  • –         20 مليار ديون للقطاع الخاص.
  • –         40 مليار دولار ديون لمصرف لبنان ثم استخدامها بالليرة اللبنانية.

ثالثًا: ما هي المبالغ التي ممكن أن تحصلها البنوك:

  • –         16.5 مليار دولار من المصرف المركزي
  • (20+40+23) مليار دولار حسب السعر الرسمي من ديون الدولة والقطاع الخاص أي ما يساوي 83 مليار دولار *1500 = 124.5 ألف مليار ليرة.
  • سعر الصرف في السوق الموازي تخطى الـ 5000 ل ل /$ والحكومة تقترح سعر 3500 ل ل/$ في خطتها الاصلاحية. وهذا يعني أن البنوك باستطاعتها استرجاع 35.5 مليار دولار حسب سعر الخطة الإصلاحية.
  • مجموع ما يمكن استرجاعه للبنوك (35.5+16.5) = 52 مليار دولار.

رابعًا: الخسارة المقدرة للبنوك هي (138-52) \ 138 = 65%.

هذه الأرقام تفترص أن الدولة ستقوم بتسديد ديونها للبنوك، وهذا أمر يمكن أن يحصل عليه تعديل إن لجهة المبالغ أو لجهة الوقت ضمن إعادة هيكلة أو إعادة جدولة الدين العام، حيث أن الدولة اللبنانية في حالة إفلاس وقد تخلفت عن سداد دين خارجي بقيمة 1.5 في آذار الفائت، وبحلول شهر تموز يبلغ حجم التخلف عن الديون للخارج 5 مليارات دولار.

خامسًا: أسعار صرف الدولار في لبنان:

1- السعر الرسمي – صادر عن البنك المركزي- 1515 ل ل /$ وهذا السعر يتم تسعير الأدوية والمحروقات والطحين على أساسه، إذ أن البنك المركزي يبيع لهذه الشركات الدولار على هذا السعر.

2- سعر شركات تحويل الأموال- وهو سعر أيضًا يصدر عن البنك المركزي- 3800 ل ل/$ حيث تقوم شركات تحويل الأموال بتسليم الأموال المحولة من الخارج بالليرة اللبنانية حصرًا بمعدل 3800 ليرة لكل دولار محول من الخارج.

3- سعر البنك للأفراد الذين يريدون سحب مبالغ بسيطة من اموالهم وهو سعر صادر بقرار عن مصرف لبنان، ويجب أن يوازي سعر شركات تحويل الأموال إلا أن البنوك تحتسبه بـ 3000 ل ل/$، وتقوم البنوك بتسليم الزبائن مبالغ تترواح بين 500$ الى 2000$ شهريًّا حسب هذا السعر، (يعني الذي يريد أن يسحب 1000$ يأخذ 3 مليون ليرة).

4- سعر البنك للأفراد الذين يريدون سحب أكثر من الحصة المقررة لهم هو السعر الرسمي أي 1515 ليرة /$.

5- سعر الصيارفة الرسمي 3900 وهو يحدد بالاتفاق عليه بين نقابة الصيارفة ومصرف لبنان.

6- سعر السوق السوداء او السعر الحقيقي او سعر الموازي 5200ليرة /$.

سادسًا: الواقع النقدي

  • من خلال هذه الدراسة نرى ان البنوك لم يعد لديها الملاءة المالية البنوك قادرة على إرجاع فقط 35 سنت مقابل كل دولار مودع لديها، هذا إن استطاعت البنوك تحصيل ديونها من القطاعين العام والخاص واستطاعت شراء الدولار على سعر 3500 ليرة.
  • أن البنوك تقوم حاليًّا بتخدير الناس وتسليمهم نسبة صغيرة من أموالهم على سعر 3000 بينما سعر السوق الموازي هي 5000 ليرة
  • لا تقوم النوك بتسليم أي دولار للزبائن.
  • أصبح التعامل بالشيكات المكتوبة بالدولار الأميركي داخل البنوك فقط، ولا يمكن سحب أي شيك مهما كانت قيمته.
  • بدأ التجار بوضع قيمة للدولار المكتوب في الشيك وأصبح الاسم المتعارف عليه للشيكات المكتوبة بالدولار (لولار، أو دولار بلدي)
  • سعر دولار الشيكات في السوق هو 2300 ليرة لبنانية أو 43 سنت (يعني الذي يملك شيك بقيمة 1000$ يقوم باستبداله من التجار مقابل 430 دولار 2 مليون 300 ألف ليرة)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفتاوى والإجابات على الأسئلة والاستفسارات حول حالات التضخم الجامح أو انهيار العملة (العملة اللبنانية نموذجًا):

” فبدعوة مشتركة من مكتبي هيئة علماء المسلمين ورابطة علماء فلسطين في صيدا، التقى سبعون خطيبًا وإمامًا وداعية ومتخصصًا، بالفقيه الشيخ علي القره داغي صباح الأحد ٢٢ شوال ١٤٤١، الموافق ١٤ حزيران ٢٠٢٠ عبر برنامج “الزوم”، الملتقى العلمي بالفقيه القره داغي خصص للوقوف عند رأي الشيخ في الفتاوى الضرورية المتعلقة بالمعاملات المالية في ظل انهيار الليرة اللبنانية..

بعد تلاوة عطرة للشيخ عبد الكريم علو، رحب مدير اللقاء الشيخ علي اليوسف بالعلامة القره داغي، معطيا نبذة مختصرة من سيرته، فهو الفقيه المتميز الذي حفظ القرآن في صغره، ثم نهل من علوم بغداد والأزهر، وكان الأول على دفعته، ونال الامتياز على رسالتيه الماجستير والدكتوراة مع مرتبة الشرف وتوصية بطباعة رسالته، إلى أن وصل للأستاذية…

ثم كانت كلمتان مختصرتان لرئيس مجلس شورى هيئة علماء المسلمين في لبنان الشيخ الدكتور صلاح الدين ميقاتي، ونائب رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان الشيخ خالد عارفي…

بداية، قدم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العلامة الشيخ علي القره داغي مختصرًا حول بعض مسائل المعاملات المالية، لتمهيد للنقاش الذي شارك فيه السادة العلماء، وامتد قرابة ثلاث ساعات.

الحالات المعروضة للفتوى فيها، مع معالجتها:

الحالة الأولى: بسبب حبس المصارف لأموال الناس عندها وتقييد إخراج المال الحي (cash money) إلا بنسب ضئيلة جدًا وبغير العملة المودعة في البنك وهي الدولار وإنما بالعملة المحلية وهي الليرة وبسعر صرف أقل من سعر صرف السوق السوداء، بناء لما سبق يضطر بعض التجار وغيرهم لإخراج أموالهم عبر شك مصرفي وبيعه في السوق السوداء بسعر أفضل من سعر البنك، لأن البنك يعطيه ماله بسعر صرف ١٥٠٠ ليرة لبنانية وهو يستطيع بيعه في السوق السوداء بأكثر من ذلك كأن يبيعه ب٢٠٠٠ ليرة لبنانية أو أكثر…

فهل يجوز بيع الشك الدولار بمبلغ من الليرة اللبنانية مع العلم أن صاحب الشك مضمون مليء وماله في المصرف مضمون.

وبالتالي هل يجوز لمن اشترى هذا الشك بيعه بسعر أغلى مما اشتراه…

كأن يشتري زيد من عمرو شك بقيمة ١٠٠٠$ ويدفع له ٢٠٠٠ ليرة لبنانية مقابل كل دولار ثم يبيع زيد الشك الذي اشتراه من عمرو لمحمد بسعر ٢١٠٠ ليرة لبنانية لكل كل دولار ويكون بذلك قد ربح ١٠٠ ليرة لبنانية بالدولار الواحد..

مع العلم أن العملية تحصل في مجلس واحد مع شرط التقابض.

الجواب:

الأصل المتفق عليه بين المجامع الفقهية والمعايير الشرعية هو أن الشيكات تمثل نقودها، ولذلك لا يجوز بيعها لطرف آخر بأقل أو أكثر من قيمتها، بل هناك قرار من المجامع الفقهية بحرمة خصم الشيكات الآجلة، لكن يجوز الوفاء بأقل من قيمتها للمستفيد الأول (الدائن) قبل حلول أجلها، وان الشيكات المؤجلة لا يجوز بيعها بمثلها لأنه حينئذ يكون (ربا النسيئة) ولا بأقل أو أكثر منها فيكون (ربا النسيئة والفضل)، ولكن يجوز في نظري أن يتم ذلك عن طريق (الإقراض) فمثلاً يعطي زيد مبلغ الشك نقدًا للمستفيد ويجعل الشيك ضمانًا، فلا مانع من ذلك في نظري ما دام ليس هناك زيادة.

وكذلك يجوز شراء السلع والخدمات بهذه الشيكات المؤجلة.

وأما إذا كانت الشيكات حالّة ومصرفية أو مصدقة، أو لها رصيد قابل للقبض فيجوز بيعها بنفس العملة إذا كان يدًا بيد (أي القبض في المجلس) ولكننا توصلنا من خلال الاجتهادات المعاصرة، والقرارات المجمعية، والمعايير الشرعية إلى أن القيد المصرفي بمثابة القبض الحقيقي.

أما إذا كانت الشيكات بدون رصيد قابل للقبض، فلا يجوز شراء العملات بها.

هذا هو الأصل العام، ولكننا اليوم أمام حالة خاصة لليرة اللبنانية، وهو الانهيار، او ما هو قريب منه، ففي هذه الحالة هل يمكن القول: بأن العملة المنهارة لم تعد نقدًا معتبرًا ونقدًا مثليًا، وإنما أصبح مثل السلعة، فالذي أراجه حلاً مناسبًا لمثل هذه الحالة، هو ما يأتي:

أ- جواز شراء السلع والخدمات بالشيكات، وهذا باب واسع جدًا.

ب- عدم جواز التجارة والمتاجرة بالشيكات من قبل السماسرة إلاّ بمقدار الضرورة أو الحاجات الملحة.

ج- تحقيق التراضي التام بين الطرفين.

د- مراعاة العدالة في كل الأنشطة.

هـ- الاكتفاء في التعامل بالشيكات بالأخذ بالمصروفات الفعلية فقط.

هذا ما يتعلق بالشيكات الخاصة بالليرة اللبنانية.

أما الشيكات الخاصة بالعملات الأجنبية مثل الدولار، واليورو ونحوهما فيجب أن تطبق عليها الأحكام العامة التي ذكرناها فيما سبق.

والمجال الواسع، هو شراء عملة أخرى مثل شراء الليرة بالشيك الذي يمثل الدولار، فهنا تجوز الزيادة ما دام التقابض قد تمّ، وما دام للشيك رصيد في البنك، وفي هذه الحالة يمكن لمن اشترى الشيك الدولاري بالليرة، أن يبيعه بأكثر ما دام القبض يتم عند التعاقد.

الحالة الثانية: نفس الحالة الأولى التي ذكرناها سابقا لكن يدفع المشتري للشيك الذي قيمته بالدولار لصاحب الشيك دولار.

وهو من المعلوم انه لا يجوز بيع نفس العملة بنفس العملة مع التفاضل لكن الآن من المتعارف عليه أن الشيك بانكير بالدولار له قيمة تختلف عن قيمة الدولار الحقيقي تصل لدرجة النصف أحيانا فصار عندي ثلاث عملات:

1.الدولار الحي (كاش)

2.الدولار شيك (قيمته اقل من كاش) وأحيانا يسموه الدولار lowlar

3.الليرة اللبنانية

فهل يبقى مبدأ التحريم كما هو أم يتغير بتغير الحال؟

الجواب:

نعم يبقى مبدأ التحريم بين الدولار، ولولار، فإذا كان بيع الشيك الدولاري بالدولار، أو اللولار فيجب التقابض في المجلس والمساواة (التماثل)، أما إذا كان بغير جنسه فيجوز فيه الزيادة (التفاضل) ما دام التقابض قد تحقق في المجلس.

الحالة الثالثة: فيما يتعلق بالبطاقة البنكية (credit card)، هذه البطاقة عبارة عن بطاقة تأخذها من البنك لتشتري بها بقيمة مبلغ معين من المال ومعك تقريبًا شهر لرد ذلك المال الذي استلفته من البنك وان لم ترد المال خلال الفترة المحددة يبدأ البنك بتسجيل الفوائد عليك.

السؤال: هل يجوز الذهاب لتاجر يملك هذه الماكينة pos التي تستطيع من خلالها شراء اي شيء عن طريق البطاقة ودفع ما في البطاقة من دولارات على ان يعطينا مقابل ذلك شك ويسكر ما عليه قبل آخر الشهر.

الجواب:

أذكر هنا أهم شروط التعامل بالبطاقات، ثم الإجابة والفتوى على السؤال.

فلا يخفى أن للبطاقات أنواعًا، منها بطاقة الحسم الفوري، وبطاقة الائتمان، وبطاقة الائتمان المتجدد.

فقد نص المعيار الشرعي رقم (2) الصادر من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامي (أيوفي) في مادته (3) على أحكام هذه البطاقات، وهي:

3-1 بطاقة الحسم الفوري، يجوز للمؤسسات إصدار بطاقة الحسم الفوري مادام حاملها يسحب من رصيده ولا يترتب على التعامل بها فائدة ربوية.

3-2 بطاقة الائتمان والحسم الآجل، يجوز إصدار بطاقة الائتمان والحسم الآجل بالشروط الآتية:

أ- ألا يشترط على حامل البطاقة فوائد ربوية في حال تأخره عن سداد المبالغ المستحقة عليه.

ب- في حالة إلزام المؤسسة حامل البطاقة بإيداع مبلغ نقدي ضمانًا لا يمكن لحامل البطاقة التصرف فيه يجب النص على أنها تستثمره لصالحه على وجه المضاربة مع اقتسام الربح بيته وبين المؤسسة بحسب النسبة المحددة.

ت- أن تشترط المؤسسة على حامل البطاقة عدم التعامل بها فيما حرمته الشريعة وأنه يحق للمؤسسة سحب البطاقة في تلك الحالة.

3-3 بطاقة الائتمان المتجدد، لا يجوز للمؤسسات إصدار بطاقات الائتمان ذات الدين المتجدد الذي يسدده حامل البطاقة على أقساط آجلة بفوائد ربوية.

وذكر المعيار الشرعي في مادته (4/4) على شراء الذهب والفضة والنقود بالبطاقات، فنص على: (يجوز شراء الذهب أو الفضة أو النقود ببطاقة الحسم الفوري، كما يجوز ذلك ببطاقة الائتمان والحسم الآجل في الحالة التي يمكن فيها دفع المؤسسة المصدرة المبلغ إلى قابل البطاقة بدون أجل).

كما نصت المادة (4/5) على السحب النقدي للبطاقة:

4-5-1 يجوز لحامل البطاقة أن يسحب بها مبلغًا نقديًا، سواء في حدود رصيده أو أكثر منه بموافقة المؤسسة المصدرة، على أن يترتب على ذلك فوائد ربوية.

4-5-2 يجوز للمؤسسة المصدرة للبطاقة أن تفرض رسمًا مقطوعًا متناسبًا مع خدمة السحب النقدي، وليس مرتبطًا بمقدار المبلغ المسحوب.

الإجابة عن السؤال المطروح:

يمكن أن للتاجر أن يصدر شيكًا أو يعطي مالاً برصيد ما في البطاقة من الدولارات، ولكن بشرطين:

الشرط الأول: أن لا يأخذ أي زيادة، أو نقصان، إذا كان رصيد البطاقة دولارًا واحدًا، فيعطي دولارًا.

الشرط الثاني: أن يعطي التاجر الدولارات قرضًا، وتكون البطاقة ضمانًا لها، أي لا تجري على أساس البيع والصرف.

وأما إذا أعطى التاجر غير الدولار في حالة كانت البطاقة دولارية، فيجوز أن له أن يعطي أقل أو أكثر قرضًا تحت الحساب.

الحالة الرابعة: نفس الحالة الثالثة لكن البطاقة هي على حسابك الجاري (debit card) يعني لا يعطيك البنك مالاً كسلفة انما من حسابك الجاري.

الجواب:

مع أني أجبت على هذه الحالة في الجواب عن الحالة السابقة، فهذا النوع يسمى: بطاقة الحسم الفوري، فهنا صاحبها يسحب من فلوسه، لذلك لا إشكال فيه.

الحالة الخامسة: واحد لديه حساب كبير في المصرف بقيمة ١٠٠ ألف دولار مثلاً ولا يستطيع السحب من حسابه إلا مبلغ ١٠٠٠$ شهريًّا، لأن قانون المصارف يقول إنه يمكن لكل صاحب حساب سحب مبلغ ١٠٠٠$ شهريا فقط.

فالسؤال إذا تم التواصل مع أصحاب حسابات فارغة أو غير مستعملة وحولنا لكل واحد منهم ١٠٠٠$، وسحبوه هم على ٣٠٠٠ ليرة لبنانية، وأعطينا كل واحد منهم ١٠٠ أو ٢٠٠ ألف ليرة لبنانية مقابل استعارة الحساب، وأعطينا صاحب الحساب الكبير ماله على ٢٠٠٠ ليرة، وأخذنا باقي المبلغ نحن كأرباح. هل يصح ذلك؟

الجواب:

أولاً – لا يجوز تحديد الصرف بـ 2000 ليرة مثلاً، وإنما قيمة الصرف لصاحب الحساب فقط.

ثانيًا- إذا قام بهذا العمل شخص آخر – غير المقرض والمقترض – فيقوم بالتنسيق بين الحسابات، ويرتب هذه الأمور في مقابل أجر محدد عادل معلوم ومعقول، فهذا لا مانع منه شرعًا مع ملاحظة البند السابق (أولاً).

ولكن لا يجوز ان يتم ذلك بين صاحب المال والشخص الذي يحول إليه.

وأقصد بالأجر المحدد هو أن يحدد المنسق الأجر بمبلغ مقطوع مثل مائة ليرة لكل تحويل، أو أكثر أو أقل، أو 2% من المبلغ ولكن دون استغلال، بل حسب سعر السوق الذي يسمى بأجر المثل.

ثالثًا- ولا مانع ان يقوم هذا المنسق الذي حصل على مبلغ من المال في مقابل عمله أن يدفع مبلغًا لأصحاب الحسابات المحولة.

الحالة السادسة: إخراج زكاة المال على المال المحبوس في البنوك… هل يكون بقيمة سعر البنك أم السوق السوداء أم الشيك أم كيف؟

الجواب:

الزكاة في النقود حسب جنسها، فزكاة الدولار بالدولار، والليرة بالليرة، هذا هو الأصل.

فإذا دفع القيمة فتكون حسب السعر المتاح فعلاً، ولكن يجوز لمن لم تكن لديه سيولة ولم يكن في وسعه الحصول عليها أن يؤجل زكاته حتى يتمكن منها. والله أعلم.

الحالة السابعة: قياس الشيكات في الحالة الطبيعية على النقد قياس مستقيم مئة في المئة لأن هناك تسوية تامة بين النقد والشيك في الحالة العادية، لكن عندنا في لبنان في ظل الانهيار وفي ظل الأزمة الاقتصادية لم تعد الشيكات قائمة مقام النقد، لماذا لان الآن إما أن تكون البنوك مفلسة أو أن الذي يجري ليس في الحقيقة المودع عند البنك والبنك، القضية أن اصبح هناك تجارة بين الناس في بيع هذه الشيكات، يعني أنا الآن أراهن أن هذا الشيك أستطيع تحصيله بعد ثلاثة أشهر او اربعة اشهر فاشتري شيك المئة ألف دولار الآن بمئة و خمسين مليون على سبيل المثال، أنا أعلم جيدًا، إن هذه المئة ألف دولار الآن ليست موجودة في البنك، لو بحثت في البنك لن يعطيني البنك، فهل الحكم الذي تفضلت به في الطلع ينطبق على الحال اللبنانية التي أصبحت فيها الشيكات لا تقوم مقام النقد، مع أن القياس معروف أن المساواة فرع بأصل في العلة، أنا ظني أن المستوي غير متحققة هنا.

الجواب:

في البداية أود أن أقول: إن التعامل بالشيكات والعملات بالصورة التي ذكرت قد يصل الى مرحلة المقامرة في بعض الاحيان و لذلك يجب علينا نحن كعلماء و كمنتسبي للعلم أن نحمي المجتمع من هذه المسألة، فلماذا شدد الإسلام في قضية التجارة في النقود، وأنا كنت حقيقة أبحث هذه المسألة وتوصلت إلى أن هذه تابعة لفلسفة الاقتصاد الاسلامي، التي تقوم على أن النقود كلها الحقيقية وغير الحقيقية وسيلة وليست سلعة ولا غاية، ولذلك فهذه الوسيلة يجب التقليل من البيع والشراء فيها إلاّ بضوابط، لأن النقد لا يلد نقدًا، ولان النقود لا تؤكل ولا تشرب ولا تلبس، ولان النقود ليس هناك أي تعب في صنعها، مجرد الدولة تصدر ولذلك الدولار يكلفهم بنسين ويبيعونه بمئة دولار -مثلاً- وكذلك حتى اللبناني وهكذا خمسمئة مكتوبة أو ألف مكتوبة لا يكلفهم شيء، ولذلك لا يشتغل فيها الناس، بينما في السلع أي سلعة من السلع، يشتغل الصانع والمؤجر والناقل، فهذه في فلسفة الاقتصاد الإسلامي ولذلك أشار القرآن الكريم لذلك عندما تحدث عن قضية البيع فقال تعالى: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)[1] فهما شرطان أساسيان، أولهما: أن لا تكون تجارة، والثاني: أن تكون عن تراض والتجارة إنما هي في السلع والخدمات وليس في النقود إلاّ بقيود ولذلك التجارة في النقود حقيقة الاسلام يشدد ويضيق عليها الخناق فهذا مقصد الشرع في هذا المجال لذلك نحن لا نتوسع ولذلك أنا قلت لحضرتكم وربما يفتى في بعض الحالات بناء على أن هذا الشيك يمثل حالة الانهيار فأصبح الناس يتعاملون بها كأنها صارت سلعة وليست نقدًا، فهذا كلام الاقتصاديين الذين يقولون: إن النقد هو وسيط للتبادل ومقياس للقيم ومخزون للثروة، فأظن أن الليرة اللبنانية اليوم ليست وسيطًا للتّبادل وليست مقياسًا للقيم ولا مخزونًا للثروة، ولا أحد الآن يخزن ثروته باللّيرة اللبنانية ولا معيارًا للمدفوعات المؤجّلة، فحينما تكون هناك مدفوعات آجلة تربطها بالليرة لأنه أسهل، بل بالعكس ينبغي ربطها بأي شيء آخر مثلاً، فلهذا السبب أنا تساءلت قلت: لو أفتي بهذا في حالات خاصة وليست حالات عامة حتى لا تكون وسيلة للتجارة والمشاكل و أيضًا تؤدي إلى مشاكل أكبر، لكن أنا شخصيًّا لا أراه مناسبًا في التجارة في الشيكات حتى في حالات منضبطة في فلسفة الاقتصاد الإسلامي وضبط المجتمع بقدر الإمكان في عدم الوقوع في هذه التجارة التي سيترتب عليها خسائر كبيرة جدًا.

ولذلك أنصح بعدم التوسع في التعامل بالشيكات حتى مع ضوابطها، أما شراؤها بأقل فهذا غير جائز حسب الضوابط السابقة.

الحالة الثامنة: مدى جواز الاحتجاج لما فرضته الدولة على عامة الناس بأن يدفعوا الإيجارات التي هي بالدولار بالليرة اللبنانية؟ فربما نرى تاجرًا دخله بالدولار ولكن يدفع على حساب الصرف الرسمي القديم يعني مثلاً بألف وخمسمائة ليرة للدولار الواحد محتجًّا لما فرضته الدولة.. فلا يصح احتجاج المسلمين فيما بينهم البعض لما أفرضته الدولة؟ وخصوصًا إذا كان دخل أحدهم بالدولار؟

الجواب:

حقيقة هذه مسألة مهمة جدًا، فالعقود الخاصة تحدث عنها الفقهاء، وخاصة إمام الحرمين في الغياثي، فلا يجوز للدولة أن تنقض العقود الخاصة بين الطرفين إلا إذا وُجد فيها خلل، فمثلاً أن يكون هناك اتفاق بالدولار، فهو لازم بقيمة الدولار أي القيمة السوقيّة الآن للدولار، فلذلك رأي الشخصي أن هذا يعتمد فيه على رأي علماء السّياسة الشّرعية في هذا المجال، وليس للدولة إلغاء أو تغيير العقود الفردية؛ لأنها أقوى من الأوامر العامة، وهي عقود حقيقية.

ولكن في مثل هذه الحالات التي قد تصل إلى مرحلة الجوائح التي ذكرناها في المبحث الأول، فإن عقد الإجارة يعدل بما يحقق العدالة، ويتم هذا التعديل إما عن طريق التراضي أو الصلح الواجب، أو اللجوء إلى القضاء، أو المحكّم الذي يرتضيه الطرفان.

فقد ذهب الحنفية، والمالكية في المشهور، والحنابلة، وبعض الشافعية، وابن حزم الظاهري إلى أن عقد الإجارة يفسخ بالعذر العام مثل الحالة التي فيها الجائحة والانهيار الاقتصادي، بل إن الحنفية وابن حزم ذهبوا إلى جواز فسخ عقد الإجارة بالعذر الخاص في غير المعقود عليه[2].

ولذلك يجب التسامح والتراضي والتصالح بما يحقق العدل، ومصالح الطرفين.

وفي القانون هناك حق الفسخ عند الظروف القاهرة.

الحالة التاسعة: إذا كان بالاستطاعة سحب مال فهل تجوز فيه الزكاة؟

الجواب:

الأصل دفع الزكاة عند حولان الحول وتوافر بقية شروطها، ولكن إذا وجد مانع معتبر – كما هو الحال في لبنان اليوم- فيجوز تأخير دفع الزكاة لغاية الوصول إلى السيولة والمال الكافي للنفقة الزكاة.

الحالة العاشرة: نحن الان في لبنان، هناك التزامات وديون وقروض كثيرة بالليرة اللبنانية قبل الأزمة، وكانت قيمتها 1500 ليرة في مقابل دولار واحد، واليوم يساوي دولار واحد حسب السوق السوداء أكثر من 5000 ليرة، فما الحكم الشرعي؟

الجواب:

أجبنا على ذلك في المبحث الأول، بل ألفت لأجل هذه المسألة كتابًا تحت عنوان: قَاعِدَةُ الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ في الفقه الإسلامي وأثرها على الحقوق والالتزامات مع تطبيق معاصر على نقودنا الورقية (التضخم والانكماش) نسخة منقحة ومزيدة، ط. الثانية 1437هـ = 2016م، دار البشائر الإسلامية / بيروت، وقد توصلت فيه إلى أن العملة الورقية (الليرة أو غيرها) إذا أصابها تضخم جامع بأن تفقد قيمتها أكثر من الثلث، أو الربع، فإن الرد لا يجب بالمثل، بل بالقيمة، ولكن بما أن السبب عام فيجب الصلح، وقد طرحت عدة حلول في الكتاب، وفي المبحث الأول هنا، فأرجو الرجوع إليه.

الحالة الحادية عشرة: يوجد سؤال للشيخ القره داغي حفظه الله

أولاً، يوجد عندنا عدة اسعار للدولار مقابل الليرة كما يلي؛

سعر رسمي = ١٥٠٧

سعر دولار الشيكات=٢٢٠٠ ومتحرك

سعر البنك=٣٠٠٠

سعر التحويلات من الخارج=٣٨١٠

سعر الصرف عند الصرافين=٣٩١٠

سعر السوق السوداء=٥٣٠٠ ومتحرك يوميا

سعر عند التجار (يتم تسعير البضاعة في المحلات) =٥٦٠٠

فهل يمكن اعتبار كل من هذه الدولارات كأنها عملة مختلفة عن الأخرى؟؟؟؟

الجواب:

ما ذكر دليل على أن الليرة في حالة تذبذب شديد يقترب من الانهيار – مع الأسف الشديد-، ولذلك فالمطلوب هنا الحذر الشديد.

ومن الناحية الشرعية فلا مانع من بيع الدولار بالليرة أو بالعكس، بأي سعر متاح دون استغلال، ولكن مع القبض الحقيقي، أو القيد المصرفي في البنوك.

الحالة الثانية عشرة: ما هي المصروفات الفعلية؟

الجواب:

المصروفات الفعلية هي التي تم صرفها من قبل الدائن والمقرض، فيجوز أخذها من المدين والمقترض.

والسبب هو أنه لا يجوز للدائن والمقرض أن ياخذ أي زيادة على قرضه سوى المصروفات الفعلية التي تكبدها فعلاً، من باب سدّ الذرائع.

وأما غير المقرض من الوسطاء والسماسرة فيجوز لهم ان يأخذوا الأجر العادل (أجر المثل).

الحالة الثالثة عشرة: هل يصح للمشتري أن يلجأ لكاتب العدل ويضع المبلغ الرسمي؟

الجواب:

هذه الحالة إما أن يكون العقد بالدولار أو أن يكون العقد بالليرة فإذا كان العقد بالدولار فأكيد أنها من مصلحة البائع وهنا للمشتري الحق في المراجعة والمطالبة ويلجأ للقضاء إذا لم يصلا إلى اتفاق، أما إذا كان الثمن بالليرة، فأرى ضرورة الوصول إلى اتفاق عن طريق المصالحة – كما سبق- لما ذكرنا من الظروف الطارئة.

أما عقد الإجارة ففي الفقه الإسلامي يجوز فسخه عند العذر العام والجائحة العامة – كما هو الحال اليوم.

وإذا لم يصل إلى نتيجة فيجوز له وضع الثمن العادل، او الأجرة العادلة عند كاتب العدل.

والخلاصة أن للعاقد الحق في مطالبته ببنود العقد إن كان دولارًا بالدولار وبالليرة إن كان بالليرة، أو أو يتصالحا أو أن يلجأ للقضاء لتخفيف الأعباء بسبب هذه الظروف حيث سبق أن ذكرنا جواز ذلك في الفقه الإسلامي، وتسمى في القانون: الحالات الظروف القاهرة.

الحالة الرابعة عشرة: عند الذهاب إلى كاتب العدل سيكون هناك ظلم بسبب تسعيرة الدولة للدولار في القانون؟

الجواب:

في هذه الحالة الشخص الذي كأنه نوعا ما ظلم الآخر أو أن السعر فيه شيء من الزيادة يعرض على الآخر الصلح العادل إذا لم يتم في هذه الحالة إذا كان الشخص الآخر ما قبل بالصلح فحينئذ لو التجئ إلى كاتب العدل لن يكون آثما لأنه الأصل قانونا أن العقد شريعة المتعاقدين حقيقة حتى في الشريعة إلا إذا يتعارض مع النص العام وهذا لا يتعارض لأنه حق قائم بحد ذاته تم بالدولار او تم بالليرة فالطرف الظالم ليس ظالما ولكن الطرف الذي فيه نوعا ما من المصلحة إذا عرض الصلح على الطرف الآخر ولم يقبل ذلك الوقت له الحق ان يأخذ حقه والدليل على ذلك ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة لسيدنا الزبير وسيدنا الأنصاري أول مرة طرح صلحا في حديث صحيح البخاري ثم بالأخير حكم بمقتضى العدل المطلق.

ونص الحديث هو ما رواه البخاري (الحديث 2231) بسنده عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما، أنه حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراح الجرّة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه، فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: (اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك) فغضب الأنصاري فقال: أن كان ابن عمتك، فتلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر) فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[3].

والحديث يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم في حكمه الأول كان من باب الصلح، ولما لم يرض الأنصاري، حكم صلى الله عليه وسلم بمقتضى العدل المجرد.

وهكذا فتوانا. والله أعلم.

الحالة الخامسة عشرة: رجل ماله في المصرف أقرض آخر وهذا الآخر لا يستطيع دفع المال لا يستطيع أن يعيد المال للمقرض لسبب ما والمقرض نفسه لا يستطيع إخراج ماله من المصرف ولا أن يسترد ماله من المفترض:

أ. هل تجب الزكاة لهذا المقرض؟ وكيفية الإخراج؟

ب. هل يجوز دفع الزكاة له؟

الجواب:

هناك خمسة أقوال، لكن الرأي الراجح أنه لا تجب عليه إلا بعد أن يستلم فلوسه، وحينئذ يدفع زكاة جميع أمواله لسنة واحدة.

أما هل يجوز أن نعطيه الزكاة إذا ما عنده شيء وإن كان لديه أموال كثيرة في النبوك فيجوز من مصرف (ابن السبيل) حيث قال بعض العلماء هنا: إن الأساس في ابن السبيل أنه خاص لمن كان خارج بلده، ولكن ويلحق به مَنْ كان داخل بلده وممنوع من ماله مثل المسجون أو الشخص الذي منعه الظالم من ماله…. إلخ كل هؤلاء يدخلون في مصرف ابن السبيل فيجوز صرف جزء من أموال الزكاة إليهم ما داموا غير قادرين للوصول إلى أموالهم حقًا وصدقًا.

والأفضل لهم أن يتصدقوا على الفقراء بمثل ما أخذوا عندما تصل إليهم أموالهم.

الحالة السادسة عشرة: تصريف الشيك في المصارف عبر بعض الأشخاص مقابل أن يأخذ نسبة معينة من السعر إما ٣٠% قد تصل إلى ٥٠% البعض تكلم بجواز ذلك مقابل أن تكون هناك في اختلاف في العملة يعني إذا الشيك بالدولار وتم تصريفه بالليرة جائز أما إن كان من نفس العملة فهذا غير جائز؟

الجواب:

إذا كان بنفس العملة لا يجوز أن يأخذ منه إلا الأجور الفعلية والمصروفات الفعلية أما إذا كان بعملة أخرى له الحق أن يأخذ حسب الاتفاق بإذن الله تعالى، مادام القبض يتم للشيك، والمبلغ في المجلس – كما سبق بيانه –

الحالة السابعة عشرة: تسليم الشيك وأنه بمثابة النقد هل هذا رغم وجود ال value date؟

الجواب:

المقصود بمصطلح Value Date هو تأريخ استحقاق القيمة في اليوم الذي يتبادل فيه طرفا العقد العملات التي تم بيعها وشراؤها، حيث إن المعاملة الفورية هي عبارة عن يومي عمل، وهذا عند التعامل في البنوك، فلو تم التعاقد وتم تسليم المبلغ، ثم سلّم الشيك إلى المشتري، ودفعه إلى البنك، فإذا تأخر التحويل في البنك لمدة يومي عمل فلا حرج في ذلك، وبذلك صدر قرار من مجمع الفقه الدولي، وكذلك نص عليه المعيار الشرعي رقم 1 الصادر من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي).

الحالة الثامنة عشرة: بيع الشك بقيمة أقل بعملة أخرى مختلفة فهل يجوز بيع الشك الدولار بمبلغ من الليرة اللبنانية مع العلم أن صاحب الشيك مضمون ماليًا وماله في المصرف مضمون وبالتالي هل يجوز لمن اشترى هذا الشيك بيعه بأعلى مما اشتراه؟

الجواب:

إذا كان الشيك مصرفيًا مصدّقًا فهو نقد هذا كأمر عام – معلوم في عرف القانون التجاري، وهذا ما عبّر عنه مجمع الفقه الإسلامي وكذلك المعيار الشرعي- ثم لما يبيعه بنفس الجنس لا شك أنه يجوز إذا بيع بنفس العملة يدًا بيد وتم تسليم الشيك.

ولذلك يكون هناك عقوبة على من يصدر شيكا بدون رصيد لأنه أصدر نقدًا خارج دائرة النقود الموجودة.

أما إذا باع الشيك بشيء آخر، ففيه رأيان، أولهما: أنه لا بد أن يتم البيع بسعر يومه، ورأي آخر مطلق، وفي اعتقادي وفي ظل الظروف الحالية، أن مَنْ قالوا بسعر يومه استشهدوا بزيادة في بعض روايات حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حينما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يبيعه بالنقيع أو بالبقيع بالدراهم أو الدنانير…، وهو مار رواه أبو داود وأحمد وبقية أصحاب السنن بسندهم إلى أن عمر قال: (كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه فأتيت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة فقلت: يا رسول اللهِ رويدك أسألك إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)[4].

ولكن الأحاديث الصحيحة الثابتة دلت على الحرية في السعر ما دام يدًا بيد، منها حديث: (بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدًا بيد) [5].

لذلك لن نضيق على الناس إن كانت الشيكات فعلا نقدًا، فلن يكون هناك إشكالية فبيع الشيك الحالّ بالنقد جائز مادام بشيء آخر وأن تسليم الشيك بمثابة النقد، فهذا نوعا ما يحل جزءًا من المشكلة بشرط واحد وهو أن لا تكون هذه الزيادة لأجل الزمن أما إذا كان لأجل أي سبب كان ليس هناك إشكالية، ومسألة تحديد الزمن جائز ما دام لم يحدد هذا المبلغ ولم يوضع هذه الشروط في العقود، لذلك بيع الشيكات الحالّة بغير جنس نقدها جائز شرعًا بأي مبلغ كان إلا إذا حدد الزمن.

الحالة التاسعة عشرة: هل إذا أخذ الشيك وباعه لآخر بيعه صحيح ويربح عليه؟

الجواب:

هذه مسألة أخرى حقيقة، وهي تصدير الشيكات، يعني استلام الشيكات المصدّقة هو بمثابة القبض الحكمي، وهذا ما توصلنا إليه بناء على رواية عن الإمام أحمد رحمه الله يفسر (يدًا بيد): أن لا يتمكن الشخص الآخر من استلام مبلغه، وبالتالي اعتبرنا القبض الحكمي بمثابة (يدًا بيد) في القرن الثالث الهجري، فإذا سجل أو قيّد أو قبض الشيك المصرفي المصدّق فهو بمثابة هذا القبض فبالتالي لا إشكال في ذلك، وهذا نص عليها المعيار الشرعي، وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

هذا والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 كتبه الفقير إلى ربه

 أ.د. علي محيى الدين القره داغي

 الدوحة في 11 صفر 1442هـ  الموافق 28 Sept 2020  

[1] سورة النساء / الآية 29

[2] يراجع: حاشية ابن عابدين (9/132) وشرح الخرشي (8/271، 311) والتاج والاكليل (7/563) وقد ذكر المالكية على المشهور مثالاً جميلاً ينطبق على هذه الحالة، وهي: ما إذا أمر السلطان بإغلاق الحوانيت، ولم يتمكن المستأجر من المنفعة .

ويارجع: تحفة المحتاج (2/464) ونهاية المحتاج (5/315) والمغني لابن قدامة (5/275) والمحلى (7/10)

[3] سورة النساء / الآية 65

[4] أخرجه أبو داود (3354) واللفظ له، والترمذي (1242)، والنسائي (4582)، وأحمد (6239) باختلاف يسير، وابن ماجه (2262) بنحوه.

[5] صحيح مسلم الحديث (1587)، والترمذي مع عارضه الأحوذي (3/200)

آخر الفتاوى