السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فسؤالي هو أن شخصًا لديه أموال ربوية ناتجة من فوائد البنوك، وهى توجد الآن في بنك ربوي, فما حكم نقل هذا المبلغ الكبير إلى البنك الإسلامي أولاً حتى يتم التخلص من المبلغ على مراحل بإنفاقه على الفقراء وصرفه في أوجه الخير والصالح العام مع استثمار المبلغ في البنك الإسلامي في حالة وجوده فيه، لكي يتم تكثير المال الذي سوف ينفق على الفقراء وذوي الحاجة وفى الصالح العام وأوجه الخير المختلفة. فيمكن القول لو حقق هذا المبلغ مثلاً ربح مقداره 10% فنتحصل على مبلغ مائة وخمسين ألف دولار أمريكي سنويًا فتصرف كلها في الصالح العام وفى أوجه الخير أو ما يحتاج منها، وهكذا يحدث هذا في كل عام، خاصة وأن المسلمين ومؤسساتهم وجمعياتهم الخيرية ومدارسهم الإسلامية في أشد الحاجة للأموال في بلاد الغرب. أليس هذا أفضل من التصدق بالمبلغ هكذا على دفعة واحدة أو اثنتين والله أعلم؟
ربما يقول قائل الأفضل التصدق بهذا المال الحرام في أسرع وقت ممكن فهو في ذمته وقد تفاجئه المنية في أي لحظة، فنقول هذا صحيح فهو يشرف على هذا العملية أثناء حياته ويكتب وصية بأن تستمر العملية بعد موته أو التصدق بما تبقى من هذا المبلغ عند موته. أفيدونا جزاكم الله خيرًا مع تعليل إجابة فضيلتكم. وشكر الله لكم جهدكم ووقتكم في هذا الموضوع.
الجواب: الأصل في الأموال المحرمة التخلص منها بأسرع وقت ممكن حتى تبرأ ذمة الإنسان عند الله سبحانه وتعالى؛ وفي هذه الحالة التي ذكرها السائل الكريم يمكن لهذا الشخص بإيقاف هذا المبلغ وإيداعه في أي بنك إسلامي والاستفادة من ريعه في صالح المشاريع الإسلامية، ولا أرى في ذلك مانعًا شرعيًّا مادام أصل المبلغ قد خرج من ذمته، ولا يمكن لأحد بعد موته أن ينافس على هذا المبلغ فيأخذه باعتباره وارثًا؛ فعلى صاحب هذا المبلغ أن يكتب وثيقة يُشهد عليها عددًا من الثقات بأن هذا المبلغ ليس مِلْكًا لي؛ إنما هو ملك للفقراء والمحتاجين أو المشاريع الخيرية، ثم يرتب للإشراف عليه هيئة أو أشخاصًا يقومون بهذا الواجب بعد موته أو أن يعطي هذا المبلغ لجهة خيرية، ويشترط على هذه الجهة أن تصرف ريعه لصالح المشاريع الخيرية أو العلمية؛ فمثلاً لو أن مركزًا إسلاميًّا عنده مدارس أو نحو ذلك يمكن أن يقوم بهذا الواجب أو بعبارة أخرى أن يعطي هذا المبلغ أساسًا لهذا المركز ويشترط عليه ما يريده من الشروط.
والذي أريده من هذا الكلام أنه يجب على الشخص أن يبرأ ذمته وأن يخرج المال من ذمته وبعد ذلك لا مانع من ترتيب وسائل تحقق الغرض المهم من خلال فقه الموازنات.