حكم وضع أموال المسلمين في بنوك صهيونيّة

هل يجوز وضع أموال المسلمين في بنوك تساعد الصهاينة الذين يقتلون إخواننا في فلسطين؟

السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم، في هذه الأيام التي فيها انتفاضة الأقصى تتبجح فيها أمريكا، وتمد اليهود بكل السلاح الذي تقتل به الفلسطينيين العزَّل؛ يضع أثرياء العرب أموالهم في بنوك أمريكا، لا نقول بالملايين بل بالمليارات بل إن أحدهم يضع أكثر من عشر مليارات في بنوكهم.، وهذا فضلا عن استثمار الأموال في البنوك الربوية، إلا أن الأمر أخطر من ذلك حيث يترتب على هذا الاستثمار كسر لشوكة المسلمين، وتقوية لشوكة أهل الكفر وإمدادهم بالسلاح والمال الذي يستعينون به على قتل أهل التوحيد.
فنرجو من فضيلتك توضيح حكم الشرع في هذه المسألة، ونرجو توضيح خطورة هذا الأمر ومدى تأثيره على المسلمين؟ أفيدونا مأجورين.

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
من المعلوم في الدين: أن الأمور بمقاصدها ونتائجها. وبما أن وضع هذه الأموال في البنوك الأمريكية التي هي ربوية، وتدعم الصهاينة، يؤدي إلى تقوية شوكة المعتدين، كما أن أمريكا تقف بكل قوتها المعنوية والمادية والسياسية والاقتصادية خلف إسرائيل؛ فإن هذا العمل محرم شرعا، لعدة اعتبارات:


أولها: وضعها في البنوك الربوية، وهذا غير جائز حتى في البلاد الإسلامية.

ثانيها: أن معظم البنوك في أمريكا يمتلكها الصهاينة، أو لهم نصيب كبير فيها، ومن هنا: فليست هذه الاستفادة لأمريكا فقط، وإنما لهؤلاء مباشرة الذين يدعمون إسرائيل، وتقف إسرائيل على هذه الأموال التي تأتي من الجالية اليهودية في أمريكا وغيرها، وهذه الجالية هي التي تكون اللوبي الصهيوني من خلال أموالها وإعلامها، فيضغط على الساسة الأمريكان بأن يقفوا مع اليهود بكل قوتهم.

ثالثها: أن هذه الأموال حسب معلوماتنا كبيرة جدا، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أنها تصل إلى ثمانمائة وسبعين مليارا (870)، وبعضها تشير إلى أنها تزيد على تريليون دولار، وهذه تعطى بفائدة ربوية قليلة، قد تكون في بعض الأحيان في حدود 1.5 %، ثم تستفيد الجهات المالية اليهودية وغيرها من هذه الأموال، فتعيد هذه الأموال إلى الدول الإسلامية على شكل قروض بفوائد تصل نسبتها في بعض الأحيان إلى 17%، وهذا الفارق الذي يزيد على خمسة عشر في المئة (15%) يدخل في جيوب الصهاينة والأمريكان ونحوهم.

فلننظر إلى هذا الأمر الغريب الذي أصاب هؤلاء المستثمرين العرب والمسلمين، ولو استثمرت هذه الأموال في البلاد الإسلامية لأدت إلى تنميتها تنمية شاملة، فقد احتاجت ـ في أواسط السبعينات من القرن السابق ـ السودان إلى خمسة عشر مليار دولار للتحول إلى سلة غذائية لكل العرب، فلم تعط الدول الإسلامية والعربية هذا المبلغ لها، في حين أن كل هذه المليارات تودع في البنوك الربوية.

ومن جانب آخر: فإن هذه الأموال في حقيقتها لا يملكها أصحابها فهي مقيدة بموافقة الدول الكبرى، حيث نجد أن بعض الدول العربية تحتاج إلى استرداد أموالها ولكنها لا تتمكن من ذلك، كما أن أمريكا لو أرادت بجرة قلم تجميد كل هذه الأموال لفعلت، ناهيك عن مخاطر التضخم أو انهيار العملة الأمريكية أو إفلاس هذه البنوك، أو فشلها في السداد، وبالتالي ذهاب كل هذه الأموال سدى وهباء منثورا، ومع كل هذه المخاطر هؤلاء لا يتعظون فيبقون أموالهم في الخارج.

وقد أعجبني موقف أحد الحكام العرب؛ بعد انهيار بنك الاعتماد والتجارة، قال: علينا أن نعيد أموالنا إلى داخل بلادنا، فأعطى هذه الأموال فعلا للمواطنين، وشجعهم على بناء العمارات والأبراج، فتحولت هذه الدولة إلى مدينة عامرة عمرت وزادت تنميتها، واستفاد منها المواطنون والمقيمون. والله أعلم.

آخر الفتاوى