السؤال: في الحقيقة لا أعرف من أين أبدأ…. المشكلة أني تزوجت رجلاً لا أحبه أبدًا، رغم أنه مرتاح من الناحية المالية، وله مكانة اجتماعية، ويحبني ويحترمني، وحنون وطيب القلب كالخادم لدي،
أهله أناس طيبون…. لكن شعوري نحوه متبلد…. قلت: أني سأحبه من خلال المعاشرة، ومرّت علينا الشهور وأنا لا زلت كذلك…. أخاف أن أظلمه بهذه المشاعر التي أحملها تجاهه، أو تقودني هذه المشاعر إلى إنقاص أداء حقوقه علي… فيصبح ناري بدل أن يكون جنتي….. وفي الحقيقة كنت آمل قبل الزواج أن أتزوج رجلاً متديّنًا، وهذا الرجل الذي تزوجته أنقم عليه خصلتين: قلة الاهتمام بالدين، ومسايرة من حوله، وحتى لو كان في هذه المسايرة إضاعة للحقوق الدينية، مما تثيرني تصرفاته إلى حدّ البكاء في هذه المسايرة. كأمثال: تأخير الصلوات أو تركها… المصافحة للنساء، ويطالبني بمصافحة الرجال… حضور حفلات راقصة مع أصحاب له مسايرة لظروف العمل….. وكذا عندما أتحدث عن عمل الجماعات الدينية، وأهمية العمل فيها لاستنهاض الأمة وإعادة الروح إليها، والعودة للإسلام. يقول: لي توقفي عن هذا التفكير الساذج… وأن هذه الحركات هي أول من خان الأمة، وأنها ذات مصالح شخصية وسياسية… وأن الطريق الذي أفكر فيه من العمل للإسلام هو طريق الهلاك….
وأنا أتوقع أني لو حاولت الانطلاق أكثر في دعوتي سيمنعني…. ماذا على أن أفعل، هو يريدني زوجة لا تفكر إلا بالبيت والزوج والأبناء؟ وسوى ذلك عليّ أن أتوقف عنه لأنه مهاترات…. حتى إذا أردت أن أهدي لأحد أصدقائه الأوربيين كتابًا عن الإسلام أو فيه دعوة إليه: يخجل من ذلك! مما يشعرني بالغيظ، أنا أفتخر بديني أيّما افتخار، وهو يخجل لا أعرف لماذا؟ هل أكون ظلمته إذا استمررت معه على هذا الشعور بالكراهية، وعدم توافق أفكارنا الدينية؟
ثم ماذا عليّ أن أفعل؟ هل أعتبر آثمة إذا طلبت الطلاق منه؟ أنا لا يهمني قول المجتمع عني لو طلقت، لكن أريد الرضا من الله في أن لا أظلمه، ولا أكذب على نفسي، ولا أريد أن أعيش في تناقض فكريّ مرير؟ حائرة جدًّا
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، ومن تبع هداه، وعلى أله وصحبة وسلم، وبعد: فيبدو من خلال رسالتك أن كرهك فعلاً لله سبحانه وتعالى، وأن هذا الكره ناتج من هذه التصرفات الخطيرة التي يقوم بها زوجك، فهي ليست مجرد المعصية، وإنما في اعتقادي أخطر من ذلك، حيث فيه الاتهام للدعاة والعلماء، وفيه الخجل من دعوة الإسلام، إلى غير ذلك، ولذلك أمامك أحد الأمرين:
الأمر الأول: أن تبذلي كل ما في وسعك من الوسائل المؤثرة، نفسيًّا، واجتماعيًّا، وتستعمليها في سبيل إقناع زوجك بما أنت تعتقدين أنه الصحيح، وهي خدمة الإسلام، ونشر الإسلام، والدعوة إليه، ومنع زوجك من حضور حفلات راقصة، ومصافحة النساء، وغير ذلك مما ذكرت في السؤال. وذلك لأنك لم تستعملي هذه الوسائل، ولم تؤثري فيه، فسوف تتأثرين أنت بهذه الأمور، فهناك قاعدة نفسية سيكولوجية ـ كما يقولون ـ: إذا لم تؤثر، فأنت متأثر.
وربما مع مرور الزمن تفقدين حتى الإحساس بالذنب، كما ذكر الله ذلك بخصوص بني إسرائيل، حيث كان أحدهم يرى شخصًا يقترف المنكرات فينهاه عن ذلك العمل، ولكنه بعد يوم أو يومين يجالسه دون إحساس، وحينئذ لعنهم الله سبحانه وتعالى، كما ورد تفصيل ذلك في كتب السنن.
الأمر الثاني: إذا لم تستطيعي أن تصلحي حال زوجك، وخفت على نفسك من التأثر به، والوقوع في الذنوب والمعاصي: فلا حرج عليك أن تطلبي الطلاق.
وإن كان أملي كبيرًا في أنك تنفذين الأمر الأول، ولا سيما أن زوجك يحبك، وهو كما قلت: كالخادم لك، حاولي أن تستعملي هذه المحبة في إرضاء الله، وأن تستخدمي هذه الخدمة في سبيل الله.
حاولي أن تأخذي زوجك إلى مجالس العلماء، حاولي أن تزيحي هذه الشبهات التي جسدتها وسائل الإعلام. ابذلي جهدك بكل الوسائل لتؤثري في زوجك، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {لئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا: خير لك من حُمْر النِّعم}. والله أعلم