السؤال: نحن بصدد إنشاء صندوق تطوير عقاري للمشاركة في صندوق عقاري رئيسي لتنفيذ مشروع، لبناء مكاتب وشقق سكنية، حيث جاءت الهيكلة الأولية للصندوق كالآتي:
– صندوق استثماري مغلق.
– صيغة الصندوق القانونية: مشاركة محددة (وفقا للقانون الإنجليزي)
– الصيغة الشرعية المقترحة: مضاربة.
– مدة الاستثمار 0000 شهرا.
– مدة الصندوق 0000 شهرا.
– حد الاستثمار المستهدف: 0000 مليون
– نسبة الربح المستهدف: 10-14 % مثلاً
– هناك أسهم مشاركة عامة (شريك عام) حدد لها أفضلية في الأرباح بنسبة 2% سنويا.
– بما أن الاستثمار سيتم من خلال الصندوق العقاري الرئيسي (تحت إدارة تقليدية)، تم التأكيد –بالشروط- سيتم تطهير أي توزيعات دورية تحوي عنصر الفائدة الربوية.
– الرسوم الإدارية: رسوم مساهمة: 3% للمساهمات التي تقل عن 0000ألف – 2% للمساهمات التي تكون بين 00 ألف- و واحد مليون – % للمساهمات التي تزيد عن واحد مليون، ورسوم إجراءات المتطلبات القانونية والرقابية، تدفع مرة واحدة: عبارة عن 250 للأفراد و 500 للشركات، بالإضافة إلى رسوم إدارية سنوية مقطوعة تم تحديدها ب 36 ألف، تدفع ربع سنويا، من الصندوق لمدير الصندوق.
وعليه نرجو من فضيلتكم التكرم بالاطلاع والتوجيه.
الجواب:
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد
أولاً – الصيغة الشرعية هي إما:
(أ) المضاربة الشرعية التي تتكون من رب المال الذي دفع المال إلى الصندوق، ومن المضارب الذي يستثمر المال ويديره، وهو إدارة الصندوق، ثم يتم الاتفاق بين الطرفين على تقسيم نسبة الأرباح بأن تكون متساوية، أو مختلفة.
ولا مانع شرعًا في أيّ اتفاق حول توزيع الأرباح الحقيقية الناتجة عن المشروع.
كما أنه لا مانع شرعًا من أن تكون النسب مختلفة بين أرباب الأموال، فيمكن ان يتفق الصندوق مع (أ) على نسبة 50% من الربح، ومع (ب) على نسبة 60% على أن توضع لهذه الفروق مبررات معقولة وأوزان عادلة.
(ب) الصيغة الثانية هي الوكالة الاستثمارية، وحينئذ يأخذ الصندوق في البداية نسبة من رأس المال مثل 3% في مقابل إدارة الأموال ويكون الربح كله للمستثمر ولكن يجوز أن يشترط في العقد بأنه إذا زاد الربح المحقق للمستثمر عن 10% مثلاً فإن ما زاد على ذلك يكون كله أو بعضه للوكيل تحفيزًا له، والوكيل أيضًا مؤتمن فلا يضمن إلاّ عند التعدي، أو التقصير، أو مخالفة الشروط.
ومعظم أحكام المضاربة التي سنذكرها تشمل الوكيل إلاّ ما يتعلق بأخذ نسبة من رأس المال في البداية حيث يجوز ذلك للوكيل، ولا يجوز للمضارب، وإلاّ ما يتعلق بتوزيع الأرباح المحققة.
ثانيًا – لا مانع من تحديد زمن الاستثمار أو حجم المال المستثمر.
ثالثًا- كما أنه لا مانع في عقدي المضاربة، والوكالة بالاستثمار من ذكر الربح المتوقع، أو المستهدف على أن لا يترتب على ذلك ضمان أي نسبة من الربح، وأن يكون ذلك التوقع على أسس علمية وليس مجرد التخمين، كما أنه لا يجوز أن يكون بنية الإغراء والتغرير.
رابعًا- عقد المضاربة هو عقد قائم على الأمانة والوكالة، وبالتالي فالمضارب (الصندوق) غير ضامن إلاّ لحالات التعدي، او التقصير، أو مخالفة الشروط.
ولا مانع شرعًا أن يتضمن العقد ما يلي: (المضارب “الصندوق” ضامن لحالات التعدي والتقصير ومخالفة الشروط فقط).
خامسًا- ما ذكر في أسهم مشاركة عامة حيث يحدد لها من الأرباح نسبة 2% سنويًا، هذا غير جائز شرعًا.
والبديل المقبول هو أن يفرق بين نوعين من المشاركين (أرباب الأموال)، فقسم منهم يعطى لهم ميزة في نسبة الأرباح بأي نسبة من الزيادة يحقق الغرض المنشود من التحفيز مثل80% أو 90% من الأرباح لهم مثلاً، والقسم الآخر 50% أو 60% من الأرباح مثلاً.
سادسًا- بالنسبة للإدارة التقليدية للمشروع فيجب التأكد على التزامها بضوابطنا الشرعية، فالحل العملي كالآتي:
(1) أن تكون استثمارات الصندوق خاصة بمجموعة من العقارات تشترى وتستثمر، ثم تباع لصالح الصندوق فقط.
(2) ولا يجوز للصندوق أن يسلم أمواله لإدارة تقليدية تفعل ما تشاء، ثم تقول: عليكم بالتنقية والتطهير، بل يجب أخذ التعهد منها بأن تضع أموال الصندوق في العقارات التي يجوز شراؤها واستئجارها، فمثلاً لا يجوز تأجيرها للبنوك الربوية، ولا لأماكن الخمور، وبيع الخنازير ونحوها من المحرمات.
سابعًا – بالنسبة للرسوم الادارية في فقرة(1) يجب مراعاة ما يلي: أن المضارب لا يجوز له أن يأخذ منها إلاّ المصروفات الفعلية المقدمة، أما ما عداها فلا يجوز فرضها على ربّ المال، لأن ذلك يؤدي إلى عدم العدالة، فهو يعمل لصالح الطرفين.
ولكن يجوز أخذ أي نسبة من رأس المال مقدمًا إذا كان العقد عقد وكالة في الاستثمار، ولذلك ليس له حق من الأرباح إلاّ ما يدفع له من باب التحفيز – كما سبق -.
ثامنًا- ما يتعلق بالفقرة (2) من رسوم إجراءات المتطلبات القانونية… الخ فهذا جائز ما دام مرتبطًا بالمصروفات الفعلية.
تاسعًا- ما يتعلق بالفقرة (3) من إعطاء رسوم إدارية تم تحديدها ب36 ألف جنيه استرليني تدفع لمدير الصندوق يجب لتصحيحه ما يلي:
(أ) أن يتضمن العقد هذا المبلغ بمنتهى الصراحة والشفافية، حتى يوافق عليه العميل المستثمر (ربّ المال).
(ب) يجب أن يقطع هذا من مجمل الأرباح باعتباره من المصروفات الفعلية الإدارية.
ثم يوزع الصافي من الأرباح بين العميل المستثمر، والصندوق.
أما أن يقطع من رأس المال فيكون فيه إجحاف بالنسبة لعقد المضاربة القائمة على المشاركة، حيث يقدم رب المالي ماله، ويقدم المضارب جهده وإدارته، ثم يتشاركان في الربح المحقق حسب الاتفاق السابق.
هذا والله الموفق وهو أعلم بالصواب
أ.د. علي محيى الدين القره داغي