الفتاوى التي تتعلق بها حقوق الآخرين لا ينبغي إصدار فتوى خاصة فيها إلاّ بعد سماع الجميع.

أخذ الخلو بشروطه جائز حسب قرار المجمع

السؤال: تم شراء محل عن طريق الخلو في منتصف عام 2005 م، واستمر العمل به حتى منتصف عام 2009، تم خلالها إعادة رأس المال بالكامل للجميع، وفي نفس العام 2005 كان النشاط هو التجارة بالسيارات الجديدة (أصفار)، في البداية كان الاتفاق بيننا نحن الشركاء على أن يدير أحد الأشخاص المحل ولا يتم تخصيص الراتب إلا من بعد السنة الأولى، وللأسف هذا لم يكن مكتوبًا هو ونسب توزيع الأرباح بيننا، أما شق توزيع نسب الأرباح فقد تم كما كان الاتفاق الشفهي بيننا، وأما الراتب فلم يعترفوا به برغم من أني كنت أقوم بمسك دفاتر الحسابات مع الإدارة حسب خبرتي المتواضعة.

اجتمعنا وقررنا الانتقال من التجارة في السيارات الجديدة إلى التجارة بالسيارات المستعملة مع إضافة شريك رابع يقوم بالإدارة والمساهمة معنا برأس مال جديد متساوي، وتم تصفية الحسابات السابقة كاملة دون أن أطالب براتبي حرصًا على استمرار الشركة.

وخلال أشهر معدودة اعتذر الشريك الرابع، ورغب في ترك الشركة مع سحب رأس ماله وأرباحه، نتيجة لتدخل بعضهم وعدم الالتزام من أحد الشركاء معه، أو كما وعده بعدم التدخل في الإدارة، على ضوء ذلك تمّ استدعاء الجميع في نفس الوقت، وطلب مني كتابة شيكات لكل طرف بقيمة رأس المال والأرباح، وقيل فضت الشركة دون اتفاق مسبق بين الجميع هكذا ودون تنسيق بيننا.

بعد سحب رأس المال والأرباح حاليًا أصبحت الشركة كأنها بدون رأس مال، وهم حاليًّا (الشركاء) يريدون خلوًّا للمحل بنفس قيمة المبلغ التي دفعت في السابق، فهل هذا من حقهم، علمًا بأنّي لم أنسحب من الشركة وهم من انسحب؟.

هل من حقي أن أطالب براتبي وأخصمه من المبلغ المطلوب في الخلو؟ وهل من الأساس الخلو حلال أم حرام في هذه الحالة؟ وهل هو من حقهم بعد ما انسحبوا وسحبوا بشكل مفاجئ رأس المال والأرباح وتركهم الشركة بدون اتفاق مسبق؟ وإن كان من حقهم فمتى يستحق الدفع وكيف يكون الدفع؟ الرجاء النصيحة من الناحية الشرعية والعرف، ودمتم سالمين دائمًا إن شاء الله.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد التحية والتقدير

فجوابًا عن استفساركم، وحسب ما هو مكتوب في رسالتكم فإن الإجابة كالآتي:

أولاً ـ بالنسبة لمثل هذه القضايا المشتركة لا نحبذ فيها الفتوى، لعدم سماعنا ما لدى الآخرين من أقوال وإفادات.

ثانيًا ـ بناء على إلحاحكم فإن الظاهر من الرسالة هو ما يأتي:

  1. الراتب إنما يثبت إذا أقر الجميع بذلك أو شهد شاهدان بذلك، فإذا ثبت فلك الحق من المطالبة به، ولكن لا يجوز أن يخصمه دون موافقتهم.
  2. وخلو المحل حق لجميع الشركاء حسب نسب أموالهم وأرباحهم، ولا يؤثر أنهم انسحبوا إلاّ إذا تنازعوا عن ذلك عند انسحابهم أو الآن، أو في أي وقت.
  3. وتقدير قيمة الخلو يعود إلى القيمة السوقية أو عرف التجار، أو الخبراء.
  4. وزمن استحقاق الدفع يتحقق عند الاتفاق على بيع الخلو لك، أو لغيرك، الا إذا اتفق الجميع على تأجيل الثمن، أو تقسيطه.

ثالثًا ـ وأخيرًا فإن بيع الخلو جائز شرعًا بالشروط والضوابط التي نص عليها قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (قرار رقم 31(6/4) وهذا نصه:

[ إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408 الموافق 6 – 11 شباط (فبراير) 1988م، بعد اطلاعه على الأبحاث الفقهية الواردة إلى المجمع بخصوص بدل الخلو وبناء عليه،

 قرر ما يلي:

أولاً: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي:

1. أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد.

2.أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك وذلك في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.

3. أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد، في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.

4. أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر الأول، قبل انتهاء المدة، أو بعد انتهائها.

ثانيًا: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغًا مقطوعًا زائدًا عن الأجرة الدورية – وهو ما يسمى في بعض البلاد خلوًا – فلا مانع شرعًا من دفـع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءًا من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.

ثالثًا: إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغًا مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعًا، لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك.

أما إذا انقضت مدة الإجارة، ولم يتجدد العقد، صراحة أو ضمنًا، عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا يحل بدل الخلو، لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.

رابعًا: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد، في أثناء مدة الإجارة، على التنازل عن بقية مدة العقد، لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعًا، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية.

على أنه في الإيجارات الطويلة المدة، خلافًا لنص عقد الإجارة طبقًا لما تسوغه بعض القوانين، لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك.

أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو، لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين. والله أعلم ؛؛ ]

والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أ.د. علي محيى الدين القره داغي

آخر الفتاوى