صورة المشكلة:
تتمثل المشكلة فيما قامت به بعض المصارف والشركات الإسلامية مؤخرًا بسبب الأزمة المالية الحالية من أخذ مخصصات كبيرة لمعالجة المخاطر المحتملة في سنة 2009، وان هذه المخصصات تم أخذها من أرباح سنة 2008 من أموال المودعين والمساهمين، والإشكالية في الموضوع:
لو أن شخصًا وضع أمواله مع البنك في 1/1/2008 لكي يستثمرها البنك له، ووقع مع البنك عقد مضاربة لمدة سنة واحدة، أي أن هذه المضاربة تنتهي في 31/12/2008 والبنك في نهاية السنة المالية قام بعمل تنضيض حكمي للمضاربة وتبين الربح من الخسارة، وحققت هذه المضاربة ربحًا لرب المال قدره خمسمائة دينار، وقام البنك باقتطاع مبلغ وقدره مائتا دينار كمخصص للمخاطر التي قد يتعرض لها البنك في 2009، وبطبيعة الحال فإن رب المال ليس له علاقة بما يحدث للبنك في 2009، لأن مدة الاستثمار كانت سنة واحدة.
والسؤال:
- هل يجوز للبنك في هذه الحالة اقتطاع المخصص من أموال المودعين والمساهمين أم فقط من أموال المساهمين؟
- هل البنك بعد اقتطاع المخصص سوف يرجع المبلغ لرب المال إذا لم يحدث شيء من المخاطر في 2009 التي كان يتوقعها البنك؟
- هل هناك فرق في الحكم بين المخصص العام والمخصص الخاص؟
- أين مصير هذه المخصصات في حالة عدم قدرة البنك على إرجاع المبالغ لأصحابها؟
- هل يسري مبدأ المبارأة على هذه الحالة، كما لو ألغى رب المال عقد المضاربة بعد ستة أشهر والعقد كان ينص على أن مدة العقد لمدة سنة واحدة؟ وهل وجود التنضيض الحكمي في نهاية العام يختلف عن هذه الصورة؟
- عدم وجود مثل هذا الشرط وهو اقتطاع مبلغ كمخصص في عقد المضاربة هل له أثر في الحكم أم لا؟
- هل يوجد صورة تطبيقية تمت في المؤسسات المالية الإسلامية في كيفية معالجة مثل هذه المخصصات؟
الجواب عن ذلك:
للإجابة عن هذه المسألة نقول، وبالله الاستعانة والتوفيق:
السؤال الأول: هل يجوز للبنك في هذه الحالة اقتطاع المخصص من أموال المودعين والمساهمين أم فقط من أموال المساهمين؟
الجواب:
- إن الأصل هو أن يقتطع البنك مخصصات مخاطر الاستثمار من أرباح المساهمين فقط، لأنهم يمثلون المضارب في حقيقته، وبما أنه قد تم التنضيض _ حقيقة أو حكمًا _ فقد انتهت العلاقة التعاقدية بين المضارب ورب المال بالنسبة لهذه الصفقة، وقد استقرت ملكية كل واحد منهما للأرباح بعد التوزيع عند جمهور الفقهاء[1] وهو الراجح، وبذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (قرار رقم 30(3/4) حيث نص على ما يأتي: (يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض، أو التقويم، ولا يلزم إلاّ بالقسمة)[2].
- ولا يجوز للبنك المضارب اقتطاع جزء من أرباح المودعين المستثمرين إلاّ للمخاطر الناتجة عن عام الاستثمار نفسه، وهو عام 2008 في مثالنا هذا، حيث يمكن أن تظهر بعض الأشياء على غير حقيقتها، فمثلاً يمكن ان يكون البنك قد اعتبر مبالغ محددة من الديون ديونًا مرجوة، أو أن بعض الاستثمارات قد قومت تقويمًا عاديًا، وهنا يحق للبنك أن يأخذ جزءًا من أرباح المودعين لهذه المخاطر.
وفي هذه الحالة يجب على البنك أن يردها كلها، أو ما تبقى منها إلى المودعين إذا لم تتحقق هذه المخاطر كلها أو بعضها.
وفي هذه الحالة أيضًا يجب أن يستقطع من أموال المساهمين بنفس مقدار ما استقطع من أموال المودعين، أو أن يتحمل البنك عند حدوث المخاطر المذكورة بنفس النسبة التي تجب عليه.
وإذا اقتطعت الأموال من المساهمين والمودعين معًا، فحينئذ يطبق على ما اقتطع من المساهمين، أو المودعين ما ذكرناه آنفًا.
- ولا مانع من اقتطاع جزء من أرباح المودعين المستثمرين للعام القادم (2009 مثلاً) إذا توافر أحد الأمرين الآتيين:
- إما أن يعاد الأرباح المستقطعة كلها، أو المتبقية بعد انتهاء العام (2009 مثلاً) إلى هؤلاء المودعين بالنسبة والتناسب، فهذا لا حرج فيه ولا شبهة.
- وإما أن يكتب في العقد هذا الشرط مع شرط المبارأة أو الإبراء[3]، أي أن المودع قد أبرأ ذمة البنك، وأنه تنازل عما يستقطع من أرباحه لأجل المخاطر لصالح المضاربة المشتركة.
وهذا الأخير إنما يجوز في نظري بثلاثة شروط، وهي:
الشرط الأول – أن تكون نسبة الاستقطاع معقولة حسب رأي الخبراء.
الشرط الثاني – أن لا يتم الاستقطاع برأي المضارب (البنك) وحده، لأنه قد تدفعه المصلحة والطمع إلى استقطاع نسبة من الأرباح أكثر من المطلوب، كما أن ذلك يؤدي إلى أن يكون هو الحكم والخصم، فالفصل في السلطات ضروري، لذلك لا بدّ أن يتم تحديد نسبة الاستقطاع بموافقة لجنة ممثلي المودعين إن كانوا موجودين، كما طالب بذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرار رقم 123(5/13) حيث جاء فيه: (ثامنًا: تأليف لجنة متطوعة لحماية حقوق أرباب المال (لجنة المشاركين): – حيث إن للمستثمرين (أرباب الأموال) حقوقًا على المضارب تتمثل في شروط الاستثمار المعلنة منه والموافق عليها منهم بالدخول في المضاربة المشتركة، فإنه لا مانع شرعًا من تأليف لجنة متطوعة تختار منهم لحماية تلك الحقوق، ومراقبة تنفيذ شروط المضاربة المتفق عليها دون أن تتدخل في قراراته الاستثمارية إلا عن طريق المشورة غير الملزمة للمضارب).
وفي حالة عدم وجود هذه اللجنة، فإن على البنك (مجلس الإدارة) أن يحصل على موافقة مبررة من هيئة الفتوى والرقابة الشرعية.
الشرط الثالث – أن لا يستأثر البنك بأموال هذه الاستقطاعات لصالحه إن بقيت، فإما أن يضعها في الوعاء المشترك أو يبقيها احتياطات دائمة لصالح المودعين عند حدوث الخسائر ونحوها، أو يخصصها لصالح وجوه الخير.
ويرد على القول بإجازة هذا الشرط (الإبراء والمبارأة) لصالح البنك (المضارب) عدة إشكالات من أهمها:
- أنه شرط مخالف لمقتضى عقد المضاربة، حيث إن مقتضاه: أن الربح إذا قسم أصبح ملكًا لمن استحقه، وهذا الشرط يمنع من ذلك.
ويمكن أن يجاب عنه: بأن ما ذكر ليس من مقتضى العقد الأصلي، إذ أن مقتضاه المشاركة في الربح، وعدم قطع هذه المشاركة، وليس في هذا الشرط كل ذلك.
- ان هذا الشرط يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل وإثراء الآخر دون وجه حق، وقد نهى الله تعالى عن ذلك في أكثر من آية فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ…)[4]حيث اشترط الله تعالى لجواز أكل أموال الناس شرطين، وهما: أن تكون عن تجارة، وأن تكون عن تراض، مما يدل على أن مجرد التراضي لا يكتفي به إذا لم يكن ذلك على تجارة مشروعة.
وهذا الوجه لا ينكر قوته ووجاهته، ولكن يمكن أن يجاب عنه بأن اشتراط الشروط الثلاثة المذكورة يبعده عن أكل أموال الناس بالباطل، كما أن ذلك ما دام قد تم بتراضي الطرفين فلا يعد من باب أكل أموال الناس بالباطل، ولا سيما أن الشرط يجعل الربح المستقطع إما لصالح وجوه الخير، وهنا لا يبقى إشكال، أو لصالح الوعاء المشترك فيكون لمصلحة الجميع.
- إن هذه التبرأة أو المبارأة هي براءة وإبراء عن مجهول، حيث لا يعرف المودع مقدار المال الذي سيقتطع منه، ولا مقدار ما يتبقى؟ وبالتالي فهو إبراء غير صحيح.
وللإجابة عن ذلك، نحتاج إلى أن نوضح حكم الإبراء بشيء من الإيجاز، وهل هو إسقاط أو تمليك؟
فقد اختلف الفقهاء في الوصف الفقهي للإبراء، فهل هو إسقاط حق في ذمة الآخر، أو تمليك الآخر حقًا، حيث ذهب جمهور الحنفية، والمالكية في قول، والشافعية في قول، والراجح عن الحنابلة إلى أنه إسقاط، في حين ذهب المالكية في قولهم الراجح، والشافعية في قولهم الثاني، وبعض الحنابلة إلى أنه تمليك، وذهب اتجاه ثالث إلى أنه تمليك في حق مَنْ له الدين، وإسقاط في حق المدين، وذلك لأن الإبراء إنما يكون تمليكًا باعتبار أن الدين مال، وهو إنما يكون في حق من له الدين حيث إن أحكام المالية إنما تظهر في حقه[5].
وقد ثار التساؤل حول الجدوى في هذا الخلاف؟ والجواب عنه هو أنّ له ثمرة تظهر في عدة مسائل، بحيث إن قلنا: أنه إسقاط فيها فلا يحتاج إلى القبول ولا ترتد بالرد، أما لو قلنا: إنه تمليك فيها فتكون النتيجة بالعطس، ولهذا توسط ابن السمعاني فقال: (إنه تمليك في حق من له الدين، إسقاط في حق المديون وذلك لأن الإبراء إنما يكون تمليكًا باعتبار أن الدين مال، وهو إنما يكون مالاً في حق من له الدين، فإن أحكام المالية إنما تظهر في حقه)[6] ومن جانب فهل الإبراء يتم بإرادة منفردة أم لا، هذا ما اختلف فيه الفقهاء حيث ذهب فريق ـ منهم الحنفية[7] والشافعية على الأصح[8] ـ إلى عدم حاجة الإبراء من الدين إلى قبول المدين بناء على أنه إسقاط أو الغالب فيه هو الإسقاط، والإسقاطات لا تحتاج إلى قبول، في حين اتجه المالية في المشهور[9]، والشافعية في القول المرجوح[10] إلى أنه بحاجة إلى القبول نظرًا لأن الإبراء حينئذ يتضمن تمليكًا وهو لا يتم إلاّ بقبول الملك له، وذلك لأن الإنسان لا يدخل شيء في ملكه إلاّ برضاه، ومن جهة ثانية أن الإبراء لا يخلو عند كثير من الناس من المنة، وهي قد لا يحتملها كثير من الناس، ولذلك لا بدّ من رضا من يبرًا، قال القرافي: (إن المنة قد تعظم في الإبراء، وذوو المروءات والأنفات يضر ذلك بهم، ولا سيما من السفلة، فجعل صاحب الشرع لهم قبول ذلك ورده، نفيًا للضرر الحاصل من المنن من غير أهلها، او من غير حاجة)[11] غير أن هذا الدليل يمكن أن يتهاوى إذا قلنا: إن الإبراء وإن كان لا يحتاج إلى القبول لكنه يرتد البرد وهذا ما عليه الكثيرون[12] وهو الراجح، إذ أن الإبراء يختلف عن الإسقاط المحض من حيث إنه لتضمنه معنى التمليك يرد بالرد وإن كان لا يحتاج إلى قبول لوجود معنى الإسقاط فيه، أما الإسقاط المحص فهو ـ كما سبق ـ لا يحتاج إلى القبول، ويرتد بالرد.
والخلاصة أن المسألة خلافية، وان الراجح هو أن الإبراء في بعض المسائل مثل مسألتنا هذه، فيها معنى التمليك، ولذلك تؤثر فيها الجهالة الكبيرة، وبالتالي فإن هذا الإبراء لا يجوز بهذه الحالة الراهنة، ولكن يمكن أن نلجأ إلى مذهب المالكية في الالتزام بالتبرع لجهات الخير، فهذا في نظري هو الراجح، وذلك بان يكتب في العقد: (ألتزم بالتبرع في المبالغ المستقطعة من حسابي لصالح مخاطر العام المقبل كلها، وأن ما يتبقى منها يصرف لصالح وجوه الخير تحت إشراف هيئة الفتوى والرقابة الشرعية).
ولكن الأفضل والأحوط والأورع هو إرجاع هذه المبالغ أو ما يتبقى منها إلى أصحابها كل حسب ماله، وليس هذا صعبًا أو مستحيلاً في ظل التقنيات الحديثة والبرامج المطورة للحاسوب.
وهناك بديل آخر يتمثل في إنشاء صندوق تكافلي لصالح المخاطر الناتجة عن الاستثمار يشترك فيه البنك والمودعون على أسس التأمين التكافلي ومبادئه المعروفة[13].
وبالإضافة إلى هذا البديل الخاص فيمكن تحقيق هذا الهدف من خلال شركات التأمين الإسلامي، وذلك بالتأمين على هذه المخاطر[14].
السؤال الثاني: هل البنك بعد اقتطاع المخصص سوف يرجع المبلغ لرب المال إذا لم يحدث شيء من المخاطر في 2009 التي كان يتوقعها البنك؟
الجواب:
1- إن كانت هذه الأموال قد استقطعت من أموال المساهمين فقط فلا إشكال حينئذ حيث تعود إليهم كلها، أو ما يبقى منها، لأنهم هم المالكون لكل ممتلكات البنك في الحقيقة، وإليهم تعود في النهاية كل حقوق البنك.
- وإن كانت قد استقطعت من أموال المودعين فقط، فهناك احتمالان:
الاحتمال الأول – أن لا تحدث خسارة، أو وجدت خسارة جزئية، وحينئذ ترد هذه الأموال كلها، او بعضها أو تخصص صالح وجوه الخير، حسب التفصيل السابق.
الاحتمال الثاني – ظهرت خسارة قضت على كل هذه الأموال، وحينئذ فالحكم ظاهر.
السؤال الثالث: هل هناك فرق في الحكم بين المخصص العام والمخصص الخاص؟
الجواب:
الذي يظهر لنا رجحانه أن لا فرق بين هذين المخصصين من حيث الأحكام السابقة، فما دام قد استقطع جزء من أموال المودعين المستثمرين بعد تقسيم الأرباح فإن الأحكام السابقة تطبق عليهما.
السؤال الرابع: أين مصير هذه المخصصات في حالة عدم قدرة البنك على إرجاع المبالغ لأصحابها؟
الجواب:
الأصل هو إرجاع هذه الأموال، أو ما يتبقى منها إلى أصحابها، أو يتضمن العقد شرطًا بصرفه في وجوه الخير، أو نحو ذلك مما ذكرناه.
ولا يجوز للبنك في حالة بقاء هذه الأموال ملكًا لأصحابها أن يتهاون أو يتساهل في إرجاعها إلى أصحابها ـ كما سبق ـ ولكن في حالة الاستحالة، او التعسر يقوم البنك بالإعلان عن ذلك مع تحديد فترة مناسبة، والنص في الإعلان بأنهم إذا لم يأتوا خلال الفترة فإن المؤسسة المالية تصرفها في وجوه الخير.
السؤال الخامس: هل يسري مبدأ المبارأة على هذه الحالة، كما لو ألغى رب المال عقد المضاربة بعد ستة أشهر والعقد كان ينص على أن مدة العقد لمدة سنة واحدة؟ وهل وجود التنضيض الحكمي في نهاية العام يختلف عن هذه الصورة؟
الجواب:
- تحدثنا عن مبدأ المبارأة، والإبراء في السابق.
- في حالة ما إذا كان عقد المضاربة لمدة سنة، وأتى رب المال بعد ستة أشهر مثلاً فطالب بالإلغاء؟
ففي هذه الحالة يكون للبنك الحق في عدم الاستجابة كما صدر بذلك قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرار رقم 123(5/13) ونصه: (خامسًا: لزوم المضاربة إلى مدة معينة، وتوقيت المضاربة: الأصل أن المضاربة عقد غير لازم ويحق لأي من الطرفين فسخه. وهنالك حالتان لا يثبت فيهما حق الفسخ، وهما (1) إذا شرع المضارب في العمل حيث تصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي، (2) إذا تعهد رب المال أو المضارب بعدم الفسخ خلال مدة معينة فينبغي الوفاء، لما في الإخلال من عرقلة مسيرة الاستثمار خلال تلك المدة).
وفي حالة موافقة البنك على فسخ العقد فالذي يجري عليه العرف الغالب هو ما يأتي:
- رد مبلغه بالكامل دون ربح ما دامت الخسارة لم تحدث مع المبارأة لحالات وجود ربح أو خسارة.
- رد مبلغه بالكامل مع أخذ تعهد من العميل بالالتزام بتصفية حسابه في آخر العام ربحًا أو خسارة، إن كان ربحًا فيضاف إلى حسابه، وإن كانت خسارة فيحسم من حسابه.
- رد 75% مثلاً من المبلغ، والباقي يؤجل لآخر العام للتصفية (التنضيض الحكمي) ربحًا أو خسارة.
- فقد اعتبر التنضيض الحكمي بمثابة التنضيض الحقيقي في البنوك الاسلامية كما صدر بذلك قرار رقم 30(5/4) بذلك من مجمع الفقه الإسلامي الدولي.
السؤال السادس: عدم وجود مثل هذا الشرط وهو اقتطاع مبلغ كمخصص في عقد المضاربة هل له أثر في الحكم أم لا؟
الجواب:
إن عدم وجود نص على ذلك يمنع من أي تصرف لأرباح المودعين إذْ أصبحت بالتقسيم ملكًا خاصًا لهم، وبالتالي تصبح أمانة (وديعة بالمعنى الفقهي) لدى البنك.
السؤال السابع: هل يوجد صورة تطبيقية تمت في المؤسسات المالية الإسلامية في كيفية معالجة مثل هذه المخصصات؟
الجواب:
نعم وجدت ولا سيما في بنوك الإمارات وكان الحل هو ما ذكرناه.
وهذه المسائل بحاجة أكثر إلى الدراسة والتًاصيل ولعل ما ذكرته يكون مفتاحًا لهذه الدراسة وعونًا لها، والله المستعان وهو الهادي إلى السواء السبيل…
([1]) يراجع لمزيد من التفصيل: بدائع الصنائع (6/107) والتاج والاكليل (5/366) والفواكه الدواني (2/177) ومغني المحتاج (2/318) والمهذب (1/387) وكشاف القناع (3/517) والانصاف (5/445) والمغني لابن قدامة (5/72)
([2]) مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ع4 ج3 ص 1809
([3]) المبارأة لغة هي: مفاعلة من البراءة، فهي المشاركة في البراءة من الجانبين، والإبراء في الاصطلاح هو: إسقاط شخص حقًا له في ذمة آخر، أو قِبَلَهُ، ويشمل هذا الحق: الحقوق المالية وغيرها، كما يشمل الدين ونحوه، وفي ضوء ذلك فإن الإبراء سبب من أسباب براءة الذمة حيث كما تحصل بالإبراء فقد تحصل بغيره، ومن المعلوم أيضًا أن الأصل هو براءة الذمة، ولذلك لا يثبت حق إلاّ بدليل .
يراجع للجانب اللغوي: لسان العرب، والقاموس المحيط، والعجم الوسيط مادة ( برأ) وللجانب الفقهي: درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (1/22) والاختيار (3/132) وابن عابدين (2/560) والاشباه والنظائر لابن نجيم ص59 وللسيوطي ص53، والمنثور في القواعد (1/81) وجواهر الاكليل (2/12) وحاشية القليوبي (4/58) وبداية المجتهد (2/66) والمغني لابن قدامة (5/659) والموسوعة الفقهية الكويتية (8/51)
([5]) تبويب الاشباه والنظائر لابن نجيم ص 384 والمنثور في القواعد للزركشي (1/81-82) وحاشية الدسوقي (3/310، 94) وحاشية القليوبي مع عميرة على المحلى (2/326 -327) وشرح الروض (2/239) والفروع لابن مفلح (4/194)
([6]) المنثور في القواعد (1/81-82) وهناك آثار أخرى تظهر على اعتبار أحدهما دون الآخر منها ما ذكره ابن نجيم في الاشباه والنظائر ص 356
([7]) الهداية مع شرح العناية (7/44) والاشباه والنظائر لابن نجيم ص353 ومغني المحتاج (2/179) والمنثور في القواعد للزركشي (1/81)
([8]) المنثور في القواعد للزركشي (1/81) والاشباه للسيوطي ص 189، وشرح المحلى مع حاشيتي القليوبي وعميرة (2/307، 3/112)
([9]) الظاهر من مذهب مالك والمشهور في المذهب هو أن الإبراء يحتاج إلى قبول، قال الدردير في الشرح الكبير (4/99): ( فلا بدّ من قبوله ـ أي قبول من يوهب له ـ لأن الإبراء يحتاج إلى قبول) غير أن الدسوقي ذكر في حاشيته على الشرح الكبير (3/310) ما يدل على عدم اشتراط القبول في الإبراء، حيث قال: ( بل المراد بها ـ أي بالهبة في الصلح على بعض المدعي به ـ الإبراء ءوحينئذ فلا يشترط قبول، ولا تجدد حيازة على المعتمد، فإذا أبرأت زيدًا مما عليه صح وإنما لم يقبل خلافًا لما في الخرشي من أن الإبراء يحتاج لقبول وإن لم يحتج لحيازة، والهبة تحتاج لهما معًا) وكذلك الأمر في بلغة السالك على الشرح الصغير (3/417) في حين أن بقية المراجع كالشرح الكبير (4/99) ةشرح الخرشي(7/103) وحاشية الرزقاني على خليل (6/3) ذكرت أن الإبراء يحتاج إلى القبول، ومن هناك يمكن أن نقول أن في المذهب رأيين بهذا الصدد، وهذا ما نص عليه الدسوقي نفسه في حاشيته على الشرح الكبير (4/99) قائلاً: ( اختلف في الإبراء فقيل: إنه نقل للملك فيكون من قبيل الهبة وهو الراجح، وقيل: إنه إسقاط للحق، فعلى الأول يحتاج لقبول دون الثاني) وهنا كما رأينا رجح القول القائل بحاجة الإبراء إلى القبول .
([10]) المنثور في القواعد للزركشي (1/81) والاشباه للسيوطي ص 189 وشرح المحلى (2/340)
([12]) منهم الحنفية، والشافعية في رأي لهم وغيرهم، انظر: الاشباه والنظائر لابن نجيم ص 356 والمنثور في القواعد (1/81) والاشباه للسيوطي ص 189
([13]) يراجع لهذه الأسس والمبادئ: أ.د. علي محيى الدين القره داغي، التأمين الإسلامي، ط.دار البشائر الإسلامية، ص 317-343، ويراجع: معيار التأمين الإسلامي الصادر من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية .