السؤال: فضيلة الشيخ لدي سؤال: في هذه الآونة انتشر مرض السارس، والذي تعلمون ما يأتي من جرائه من وفاة من يصاب به، والمسلمون الآن يستعدون لعمرة المولد النبوي، فهل إذا كان هناك احتمال الإصابة بالمرض أو انتشاره في تجمع كهذا، هل يجوز مقاطعة العمرة في مثل هذا الحال؟ وجزاكم الله خيرًا
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد: لقد سبق الإسلام في وضع الحماية للإنسان في مثل هذه الحالات المرضية كل التنظيمات والشرائع الإنسانية، من خلال الحديث الصحيح الخاص بالطاعون، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا دخل الطاعون أرض قوم فلا تدخلوها، وإذا كنتم فيها فلا تخرجوا منها”.
وهذا أيضًا طبقه سيدنا عمر رضي الله عنه حينما هم بالدخول في الشام، وكان فيه طاعون (عمواس) فاختلف الصحابة الكرام حول هذه المسالة، ولما سمع عمر رضي الله عنه الحديث السابق من عبد الرحمن بن عوف رجح قول القائلين بعدم الدخول في تلك المنطقة التي كان فيها الطاعون. وحينما اعترض عليه المعارضون فقالوا: يا عمر أتفر من قدر الله؟! قال: نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله. فعلى ضوء ذلك: يختلف الحكم حسب قوة العدوى، وحيث إذا كانت المسألة يقينية في العدوى فلا يجوز للإنسان المسلم الدخول في ذلك المكان المعرض لانتقال العدوى إليه، وإذا كانت ظنية فالراجح: عدم الدخول، وإذا كانت المسألة تقوم على الشك والوهم فلا قيمة لذلك. وعلى ضوء ما سبق: فمادامت العمرة لم تكن عمرة فرض، فالأفضل عدم الذهاب ما دام احتمال العدوى واردا حسب الظن الراجح، أما إذا وصل إلى مرحلة اليقين فلا يحوز، لأنه يدخل في باب الإضرار بالنفس، وقد قال الله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وقال صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”، إضافة إلى الحديث السابق الذي نهى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن دخول أرض فيها طاعون. والله أعلم.