وهل يجوز له أن يخفي السعر؟
السؤال: أستاذي الكريم أود أن أسألكم عن أمر التبس عليّ فأرجو إفادتي، فأنا في حيرة كبيرة من أمري:
1. منذ فترة كنت ابحث عن أراضي بهدف شرائها ومن ثم بيعها للربح منها.
2. وقضيت وقتًا طويلاً وأنا أبحث وأمحّص وأجمع المعلومات والمخططات والصور والقرارات، وأحضر مسّاحين على المناطق لتعينها بدقة، والكثير من المعاملات في دوائر الدولة والطلبات والبيانات للوصول إلى معلومات صحيحة عن تلك المناطق.
3. فبذلت جهدًا غير معتاد لكي أتعرف على بعض المناطق الزراعية التي ستدخل ضمن المخطط السكني إن شاء الله، وبذلك ستتضاعف أسعارها عدة أضعاف والله وأعلم.
4. سألني بعض اصحابي وأقربائي عمّا أفعل (الذين هم أيضًا كانوا يبحثون عن أراضٍ وعقارات في مناطق مختلفة لشرائها والاستثمار بها)، فأخبرتهم أني أنوي الشراء بتلك المناطق وأنني أبحث عن المناسب بها، وأخبرتهم عن المعلومات التي جمعتها، فسألوني عن الأسعار التقريبية في المنطقة، فأخبرتهم عن الأسعار التي عرضت عليّ، وكان هناك تباين كبير في سعر السوق، فلم يكن هناك سعرٌ موحّد متعارَف عليه في تلك المناطق، فأبدوا رغبتهم في الشراء معي.
5. فاستمررت في البحث الحثيث في نفس المناطق، ووضع الإعلانات التجارية المكلفة، حتى تمكنت من الوصول إلى بعض الأراضي التي ينوي أصحابها أن يبيعوها بأسعار منخفضة، وكانت تلك الأسعار هي الأخفض بالسوق على الإطلاق وكانت فرصًا نادرة.
6. ونظرا للمجهود الكبير والوقت والمال الذي بذلته، فقمت بالعقد على هذه الأراضي مع أصحابها، ومن ثم إتمام البيع لأقربائي وأصدقائي الذين طلبوا مني ذلك، ولكن بسعر أعلى من السعر الذي اشتريت به، ولكنه مازال الأفضل بالسوق (وبرضى كامل من المشترين)، وإكمال عمليات الفراغ ونقل الملكية لاسمهم عن طريقي، نظرًا لخبرتي في هذا المجال، ولكن دون علمهم أنّ هذه الاراضي لي (كوني عقدت عليها شفهيًّا أو كتابيًّا).
السؤال:
هل المربح من المال الذي جنيته من هؤلاء الاشخاص (الأقارب أو الاصدقاء) فيه حرام او شبهة؟
مع العلم أنني كما ذكرت:
1_ بذلت الكثير الكثير من الجهد والمال والوقت للوصول إلى أراضٍ كان من الصعب جدًّا (والله وأعلم) الوصول إليها بتلك المواصفات وبتلك الاسعار، دون خبرتي ومجهودي وقبل كل شيء توفيق الله لي.
2_أنني رغم المربح الذي ربحته فأنا بعتهم سعرًا مازال الأفضل بالسوق.
وأخيرا أسفي الشديد للإطالة عليكم، ولكن أرجو أن يهديني الله للحق بمساعدتكم، وجزاكم الله كل خير عني وعن كافة المسلمين.
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
بارك الله تعالى على حرصك الشديد على كسب الحلال، وهذا هو المطلوب من كل مسلم، (فأيّ لحم غذي من حرام فالنار أولى به).
بالنسبة لما سألته فالجواب كالآتي:
أ) إن كنت قد اشتريت هذه الأراضي من أصحابها بيعًا حقيقيًا، فلا حرج شرعًا من أن تبيعها لأقربائك أو غيرهم بأي ثمن عادل، لأن هذا داخل في بيع المساومة، حيث يجوز لك أن تبيعها بأي سعر مناسب.
ب) أما إذا كان أقرباؤك (أو غيرهم) وكلوك، أي جعلوك وكيلاً بأن قالوا لك: اشتر لنا هذه الأراضي، فحينئذ أنت مؤتمن لا يجوز لك أن تغير الأسعار أبدًا، ولكن يجوز لك أن تأخذ أجرًا، أو حافزًا، أو تجمع بينهما.
ج) أما إذا اشتريت على أساس المرابحة للآمر بالشراء، أو بعت لهم على أساس المرابحة بأن قالوا لك: يا أخي نشتري منك هذه الأراضي بربح يزيد على الثمن بـ 10% وحينئذ يجب الافصاح عن السعر الحقيقي أو ما قامت عليك الأرض من الثمن والمصاريف، ثم تضيف إليهما نسبة الربح المتفق عليه، وذلك لأن عقد المرابحة من عقود الأمانات التي يجب فيها الافصاح والأمانة.
هذا والله أعلم.
أ.د. علي محيى الدين القره داغي