السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فلا يخفى عليكم ما يقوم به مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية من أنشطة حضارية وثقافية وتعليمية لإعطاء الصورة الحقيقية للإسلام وحضارته ودوره الحضاري، ومساهماته السابقة والحالية في الحضارة الإنسانية..
فمركز أكسفورد للدراسات الإسلامية يقوم بعدة مهام في غاية من الأهمية، فمنها الزمالات الخاصة بالتأريخ الإسلامي، والاقتصاد الإسلامي، والحضارة الإسلامية ونحو ذلك من الزمالات المهمة التي تربط بجامعة أكسفورد العالمية الشهيرة، كما أن بعض المواد الإسلامية المهمة يقوم بتدريسها في جماعة أكسفورد بعض العلماء التابعين للمركز..
وبناءً على ذلك فإن المركز لديه أنشطة كبيرة ولديه مبنى لم يستكمل، وهو معلم رائع من معالم المدينة، بني تصميمه على الأسس المعمارية الشرقية الإسلامية مما يعطي طابعًا جميلاً، وعبقًا تأريخيًا.
فالسؤال المطروح على أصحاب الفضيلة هو:
هل يجوز دفع الأموال التي فيها شيء من الشبهة، أو الفوائد الربوية التي يريد أصحابها التخلص منها إلى مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد
فإننا من خلال اطلاعنا على أنشطة مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية نشهد بأنه يقوم بجهود طيبة لخدمة الحضارة الإسلامية والمسلمين، ولإيجاد الجسور بين الشرق والغرب، ولإزالة الشبهات، بل لتثبيت فضل الحضارة الإسلامية على الحضارات الأخرى، ولخدمة التنمية والتعليم في بلاد الإسلام والمسلمين، فهو مركز للتعليم والتدريب والتنمية، والخدمات الجليلة.
وبناءً على ذلك فيجوز دفع الأموال التي فيها شبهة الحرام، والفوائد الربوية، وأموال تنقية الأسهم أو نحوها إلى المركز الإسلامي بأكسفورد وأنشطته التي تعد من وجوه الخير بلا شك، وقد صدر بذلك قرار رقم (13/31) من مجمع الفقه الإسلامي الدولي، حيث نص على: (أنه يجب على البنك أو المؤسسات المالية، أو الأفراد ممن لديه فوائد: (أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب، والبحوث، وتوفير وسائل الإغاثة، وتوفير المساعدات المالية….، وكذلك للمؤسسات العلمية، والمعاهد، والمدارس، وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية) يراجع: مجلة المجمع، العدد 3 الجزء1 ص177.
وفي ضوء هذه الفتوى الجماعية المؤصلة الصادرة من أكبر مجمع فقهي إسلامي في العالم وهو مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يضم أكثر من مائة وخمسين عضوًا وخبيرًا شرعيًا واقتصاديًا، فإننا نقول:
إن مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية وأنشطته العظيمة تدخل بوضوح ضمن ما نص عليه القرار السابق، لأنه مؤسسة علمية، ومن أهم أغراضه، وأنشطته، أنه ينشر المعرفة الإسلامية.
ولذلك ندعو المؤسسات المالية (البنوك، وشركات التأمين والتأجير والتمويل والاستثمار) إلى صرف ما لديها من أموال ـ فيها شبهة، أو فوائد ربوية، أو أموال التنقية ـ إلى مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية وأنشطته حتى يستطيع القيام بدوره العظيم في خدمة الإسلام والمسلمين، والحضارة الإسلامية وتعميق الفهم نحو الإسلام.
بل إننا ندعو هذه المؤسسات والخيرين إلى صرف جزء من أموال الصدقات والأوقاف والخيرات إلى هذا المركز.
(والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) و (ما نقص مال من صدقة) وقال الله تعالى: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (سورة محمد الآية 38).