مسجدنا معرّض للإفلاس والبيع في المزاد العلني… هل يجوز الاقتراض بالربا لإنقاذه؟

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ علي محيي الدين القره داغي

الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل يجوز الاقتراض بالربا لإنقاذ مسجد من الإفلاس والبيع في المزاد العلني؟

 فضيلة الدكتور الموقر

مسجدنا معرض للإفلاس والبيع في المزاد العلني نتيجة عملية نصب واحتيال من طرف البائع، وتعرض شركة هذا الأخير للإفلاس من قبل أن تنقل ملكية العقار للمسلمين. البائع أخذ ثمن الشراء كاملاً من المسلمين (مليون يورو) لكنه تماطل في تغيير ملكية العقار لحساب الوقف الإسلامي إلى أن دخل في الإفلاس، وبما أن الأرض كانت في ملكيته عند إفلاسه فهي مشمولة في الحجز مع باقي أملاك شركته البائعة.

بناء على ذلك قامت “إدارة مصلحة الحجز والإفلاس” بطلب من صاحب الدين (وهو بنك سويدي غير ربوي) بإخبارنا رسميًّا بقرار الحجز على العقار الذي اشتريناه وبيعه في المزاد العلني لكي تسدد منها الديون المستحقة على البائع، وفي هذه الحالة نكون نحن خسرنا كل شيء، يعني العقار الذي كنا حولناه إلى مسجد منذ ثلاث سنوات، وكذلك المبلغ الذي دفعناه ثمنًا للعقار (مليون يورو). وقد وضعت دائرة الإفلاس علينا شرطًا لإبقاء المسجد في ملكيتنا يتمثل بالتزامنا بدفع المستحقات التي على البائع والتي تبلغ حوالي 550.000 يورو (خمسة مائة وخمسون ألف يورو)، وهذا المبلغ صعب علينا تجميعه في الوقت الراهن.

 نرجو من فضيلتكم افتاءنا وإرشادنا لما فيه المصلحة العامة للمسلمين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد

الجواب:

فبناء على ما ذكر في الخطاب وبعد وجوب السعي بجميع الوجوه لتحصيل تمويل إسلامي أو قرض حسن، دون الحصول عليه فإن ذلك يعّد من حالات الاضطرار (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه)، وحينئذ يتغير الحكم الشرعي من الحرمة إلى الحِلّ، فيجوز الاقتراض لإنقاذ المسجد، فإقامة الشعائر فيه مشروعة، ولا حرج على من يقيم فيه الصلوات والجمعة ونحوه.

ولكن هذا الحكم بالإباحة مشروط بالضوابط والشروط الآتية:

أولاً – ما ذكر في الخطاب من أن المسجد يباع.

ثانيًا – أن من كان مقصرًا فيما سبق آثم ويتحمل الاثم وعليه أن يتحمل مسؤوليته.

ثالثًا – أن يكون أهل المسجد قد بذلوا كل جهودهم فلم يجدوا لا قرضًا حسنًا ولا تمويلاً إسلاميًا.

رابعًا – أن يكون القرض بمقدار الانقاذ فقط.

فبناء على ذلك وانقاذًا للمسجد الذي يعدّ من مصالح الجماعة فلا مانع شرعًا من إنقاذ المسجد بالطريقة التي ذكرت في الخطاب، على أن يكون بمقدار دفع الضرر (الضرورات تقدر بقدرها) وذلك لأن مصلحة الجماعة أولى من مصلحة الفرد.

هذا والله أعلم

كتبه الفقير إلى ربه

أ.د. علي محيى الدين القره داغي

الدوحة 07 جمادى الأولى 1436هـ

آخر الفتاوى