ما دور الأمة وعلمائها تجاه ما يحدث في غزة

السؤال: يا فضيلة الدكتور علي ما هو دور الأمة تجاه ما يحدث في غزة وما دور العلماء وما هو دور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه أما بعد
فإن دور الأمة تجاه ما يحدث في غزة هو أن تقوم بواجبها الديني الذي فرضه الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة بأن تكون أمة واحدة وكجسد واحد تقاتل بصفٍ واحد وتصبح كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فواجبنا أن نحس بشهدائهم وبدمائهم ونتألم بجروحهم وآلامهم وبذلك نندفع نحو الجهاد معهم بكل ما نستطيع بالمال وبالأنفس وبكل ما نستطيع فهذا هو واجبنا، واجبنا أن ننفر للجهاد كل حسب طاقته وقدرته، كما قال الله تعالى: “انفروا خفافًا ثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم”، وكما قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون”، فواجب الأمة أن تقف وقفة رجل واحد بصوت واحد بعمل واحد تحت شعار واحد مع اخواننا في غزة ضد هؤلاء الصهاينة المعتدين الذين لم يتركوا شيئًا وتجاوزوا كل الحدود والقوانين واخترقوا كل الأعراف الدولية بما فعلوا في غزة، إنها محرقة كاملة (هلوكوست) إبادة جماعية جريمة إنسانية في حق اخواننا في غزة، لذلك يجب أن يكون للمسلمين دورهم وعزتهم وكرامتهم وأن يضغطوا على حكامهم حتى يقوموا بواجبهم نحو اخوانهم في فلسطين.
وإذا لم تتحرك الأمة الإسلامية في هذا الظرف وفي ظل هذه الأحداث والمآسي والجرائم البشعة فمتى تتحرك هذه الأمة؟ ولمن تتحرك؟ وكيف تتحرك؟ إن الأمة الإسلامية قوية والله بعقيدتها وقيمها ورجالها وقدراتها وطاقاتها وأموالها وبترولها ولكنها استضعفت من قبل أعدائها لأنها لم تستعمل كل هذه القوى التي ذكرناها ومن أهمها قوة العقيدة والإيمان التي تفجر الطاقات الكامنة وتوحدها لتصبح أمة واحدة خير أمة أخرجت للناس، إن واجب هذه الأمة أن تنفر للجهاد بالأنفس إذا أتيح لها المجال، وإذا لم تتمكن من ذلك فعليها أن تجاهد بكل ما تستطيع بالمال والقلم واللسان والاعلام والاعتصام والمظاهرات ونحوها مما يحقق الخير لهذه الأمة ويجسد أن الأمة الإسلامية جسد واحد حقًا وفي ذلك عزاء لإخواننا في فلسطين وتخفيف لمعاناتهم إذا فعلنا ذلك، وعلى الأمة كذلك أن تضغط على الدول التي لديها معاهدات مع العدو الصهيوني أن تلغيها بسبب هذا العدوان الغاشم وأن تضغط عليها لحماية أهلنا في فلسطين أو لفتح الحدود والمعابر فكيف يجوز لنا أن نساهم في هذا الوقت العصيب في حصار غزة في ظل كل هذه الهجمات البشعة التي توجه نحو اخواننا في فلسطين، أين يذهب آلاف الجرحى إذا لم تفتح الحدود والمعابر؟ فهذا أقل واجب في نظر الإسلام ومن امتنع فهو آثم عند الله تعالى ومرتكب جرمًا عظيماُ في حق الله وحق أمته وحق إخوانه وشعبه.

أما دور العلماء فهو كبير ولا سيما في ظل أن معظم الحكام لا يقومون بواجبهم فهنا يأتي دور العلماء أن يقوموا بواجبهم على أفضل الوجوه من حيث توجيه الأمة وتحريكها نحو الوحدة ونحو المساهمة الفعالة في تخفيف الأعباء والآلام عن اخواننا في غزة، إن دورهم هو دور البيان والتوجيه والتحريك وأن يقوموا كذلك بالنصح والإرشاد للأمة الإسلامية والتحذير من أن التقاعس من أداء هذا الواجب سيكون له آثار وخيمة على مستقبل الأمة، إن هذه الأمة أمة الجهاد بالمعنى الشامل بكل معنى الجهاد، وهو السبيل الوحيد لتحرير الأمة وأرضها المحتلة من الأعداء المحتلين المعتدين، لذلك على العلماء أن يقوموا بواجب الريادة والقيادة الحكيمة للأمة الإسلامية والأخذ بزمام الأمر للنهوض بها والدفاع عن نفسها ودرء المخاطر المحدقة بها من كل جانب.

أما دور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فهو دور التنظيم لعمل العلماء والترشيد والتوجيه والتحريك والعمل الجاد وأن يأخذ الاتحاد بمشروعه الإسلامي الشامل لنهضة الأمة وعودتها إلى الريادة والقيادة كما كانت في السابق، فبعدما احتل الصليبيون أراضي الإسلام في القرن الخامس الهجري كان العلماء هم الذين قادوا المجتمع من خلال المدارس الإصلاحية حتى استطاعوا أن ينجبوا أمثال نور الدين الزنكي الشهيد وصلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس والشام من أيادي الصليبيين الغادرة، فما أحوجنا اليوم إلى مشروع إسلامي جامع كامل قائم على الكتاب والسنة الصحيحة ناهض بالأمة قائم على تحريك الأمة وتوجيهها لإعادتها إلى وظيفتها الأساسية وهي قيامها بالشهادة على الناس وهذا يعني أن تكون هي الأمة القوية القادرة على تحقيق العدل ورد العدوان والظلم من كل الناس، وما ذلك على الله بعزيز. والله أعلم.