كيف تعالج مسألة التضخم في البنوك الإسلاميّة؟

السؤال: إذا أخذنا في الاعتبار نسبة تطور القيمة في معاملاتنا المالية، والمعبر عنها اليوم بالتضخم المالي أو ما يسميه البعض بارتفاع الأسعار، فهل أن الفوائد البنكية التي يمنحها البنك لعملائه مقابل ودائعهم لديه والتي غالبا لا تصل إلى نسبة تطور القيمة مباحة؟

إن كان الجواب بنعم، فلماذا لا يؤخذ هذا الاعتبار كشرط في التحريم أو الجواز للفوائد البنكية، الذي هو بالأساس عامل مهم في فهم المسألة حتى يحرمها الشرع أو يجيزها؟

 فمع الأسف فإن عديد الفقهاء والباحثين اليوم لا يتطرّقون أثناء كتاباتهم أو مداخلاتهم عـبر القنوات التلفزية إلى هذا العامل الاقتصادي المتغير عبر المدّة الزمنية ألا وهو التضخم المالي.

 كذلك وفي نفس السياق، هل من الإنصاف في إطار المعاملات الإنسانية بين أفراد المجتمع أن يطالب المقرض من المقترض عند استرجاع حقه “وهو الدين” بعد مدة زمنية تكون أحيانا طويلة بالزيادة المعقولة التي تنجر عن تطور القيمة السارية في الاقتصاد حتى لا يتكبد المقرض تدهورا في القيمة الحقيقية لأمواله التي أحدثها المفعول الزمني؟

فقهاؤنا اليوم يكتفون بإصدار الأحكام أو سرد الآيات القرآنية فقط، دون الإحاطة بالوضعية ودون ربطها بمدلولها. أو إعادة ما قاله السلف في زمان لم يكن للتضخم المالي وجود ولا للعملة النقدية وجود، هذه العملة التي كانت تحل محلها آنذاك أداة مبادلة كالتمر والزيتون وما شابه ذلك. فتلك المواد التي تستعمل للمبادلة والتي تمثل العملة في ذلك الوقت تتميز عن عملتنا اليوم بكونها تحتفظ ذاتها بالزيادة الناتجة عن تطور القيمة نظرا لقيمتها الذاتية. فعملتنا اليوم قد فقدت خاصيتها المادية التي صنعت منها، وهو المعدن النفيس الذي هو الذهب والمعادن النفيسة الأخرى. فتطور القيمة المحدث في عصرنا هذا عبر الزمن بمفعول التضخم، لا تحفظه عملتنا اليوم التي صنعت من ورق عادي يحمل رقما تعادله قيمة حقيقية في السوق ولا يمثل ذلك الرقم في حد ذاته قيمة حقيقية. فالرجاء منكم توضيح علاقة كل هذا بالأثر الإسلامي، الذي يرى البعض أنه حديثا ونصه كالآتي” كل قرض جر نفعا فهو حرام” مع إمكانية شرح المفهوم الصحيح لكلمة” نفع” فهل يصح أن نقول إذن أن النفع المقصود به هنا هو الزيادة التي ينجر عنها نفع حقيقي لمفعول العملة والتي تصبح آنذاك ربا.

سيـــدي، لا ننسى دائما أننا ننتمي إلى نظام اقتصادي تضخمي فكيف إذن العمل. وكيف نحفظ حقوق الفرد والمجتمعات. وكيف نرقى بالدين حتى يكون هو الحل دائما في كل زمان ومكان ويساير اقتصادنا المعاصر في مرحلة حساسة كثر فيها منتقدو الإسلام، ألا يندرج هذا ضمن مسؤولية الفقهاء والعلماء المسلمين اليوم!

الجواب:

إن مسألة التضخم تعالج في الإسلام في إطار آخر غير إطار نظام الفائدة، وهو النظر في الأخير عما أصاب الآخر من الضرر الفعلي، ولهذه المسألة تفصيل يمكن أن تراجع: كتب التضخم في الاقتصاد الإسلامي، وقد كتبنا في هذه المسألة قبل عشرين سنة، كان رأينا هو مراعاة التضخم الفاحش في الحقوق والالتزامات الآجلة، ولكن التضخم هو غير نظام الفائدة، بل هو أثر من آثار النظام الربوي.

آخر الفتاوى