فتاوى المقاولة

السؤال: قيمة العمل المجهولة المتأخرة هل تسير عليها أحكام الدين؟

شرح السؤال: لقد قمت بتنفيذ أعمال مقاولات مختلفة لأحد العملاء أساسها متفق عليه بعقد، ولكن جرت في هذه الأعمال بنود لم يتفق عليها وتعتبر إضافية، منها ما هو موجود أصله في العقد، ومنها ما هو جديد اضطررت إلى تنفيذه في حينها بالاتفاق مع العميل، على أن نجلس لاحقًا ونتفق عليها وعلى قيمتها, وانتهى العمل والعقد الأول وجاء آخر وجرى عليه كما جرى على سابقه من أعمال غير محسوبة وتم الاتفاق كذلك مع نفس العميل، (نشير إلى أن غالب أعمال المقاولات يحدث فيها طارئ غير محسوب) ومضى على الانتهاء من الأعمال عامين، ولكن دون أن نجلس تلك الجلسة لنتحاسب على هذه الأعمال غير المتفق عليها، وقد تقرر أن نجلس لنتحاسب عليها.

السؤال رقم 1: كيف يمكن أن يكون لأحدنا الخيار في قبول أو رفض السعر الموضوع لهذا العمل من قبل أحدنا؟ فمثلاً لو قلت أنا للعميل: أريد 100 على هذه الأعمال، ويقول لي هو: لا أقبل بل أسددك فقط 50 مقابل العمل كشكل أول، أو أقول: لقد انتظرتك كثيرا لنجلس وانتظرت على حسابي لديك عامين وتقول لي الآن 50 كان يمكن أن أقبل 50 لو أنك سددتها لي قبل عامين حين انتهى العمل وليس الآن وقد مضى على الأمر عامين. فما أقصى حدود حقي بالمطالبة وبتحديد السعر دون أن يدخله ربا، وما هي أقصى حدود حقه في تحديد السعر أيضًا.

السؤال رقم 2: بالرغم من صبري عليه -أيا كانت قيمة العمل بعد الاتفاق عليها- لمدة عامين أرغب في أن أريه أن لصبري أيضًا قيمة معنوية وليست مادية لم يقدرها لي ولو حتى بكلمة شكر, فهل يجوز لي أن أطلب منه أن يقرضني نفس قيمة العمل تلك ولمدة عامين ليعلم فقط مدى أن لحقوق الناس أثرا سلبيا عليهم إن لم تسدد في وقتها, ولو كان ذلك فقط مجرد كلامٍ.

السؤال رقم 3: لو أننا اتفقنا ووقعنا عقدا مشتملا على شروط له وشروط عليه.. فإن قصر في الشروط التي عليه أيحق لي أن أتوقف عن تنفيذ والالتزام بالشروط التي علي؟

هذا وجزاكم الله كل خير

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه هداه وبعد

فإن هذا السؤال يتضمن عدة أسئلة فرعية.

أولاً: لا مانع من الاتفاق على إضافة أعمال تقتضيها طبيعة المقاولة على أن تحدد قيمتها إما بالمتر أو بأي معيار آخر حتى يكون الاتفاق معلوما لا يكون فيه ضرر ولا جهالة، وبالنسبة لسؤالك يبدو أنه ليس هناك معيار للرجوع إليه وبالتالي فيكون المعتمد التراضي بين الطرفين في المستقبل.

ثانيًا: كان من المفروض أن تجلس مع أخيك فور انتهاء عملك حتى تتفقوا على السعر المعين في وقته ولا يبقى الأمر مجهولاً عائمًا، أما أنك لم تجلس إلى الآن فليس أمامك طريق إلا رضا الطرفين مع رعاية العرف القائم في وقت العمل؛ بحيث يقيم العمل خبير متخصص يكون حكمًا فيما بينكما، وله الحق أن يحسبه حسب العرف السائد آنذاك.

ثالثًا: لا يجوز لك إضافة أي زيادة على المبلغ المستحق بناء على الزمن بل إن المبلغ ليس محددًا الآن، ولم يتم الاتفاق عليه، فلذلك يكون الحلّ هو التراضي أو الرجوع إلى خبير محكم.

رابعًا: أقصى حدود حقك بالمطالبة هو قيمة عملك الذي أضفته إلى العمل المتفق عليه، وهذا الحق كما قلت يحدّد إما بالتراضي أو عن طريق حكم الخبير، فإذا تم التراضي أو حكم الخبير بأي مبلغ فإنه مباح لك إن شاء الله تعالى.

خامسًا: لا يجوز لك أن تجمع بين القرض المشروط والمقاولة أو أي عقد معاوضة مالية أخرى لأن ذلك يدخل في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف.

سادسًا: إذا لم يكن هناك عقد بينك وبين صاحبك فيجوز أن تطالبه بمنحك قرضًا لأيّ مدّة زمنية ما دام هذا القرض لم يدخل ضمن عقد المعاوضة ((مقاولة أو نحوها)).

سابعًا: إذا وقّعت عقدًا مشتملاً على شروط وتخلف الآخر عن أيّ شرط يجوز لك التوقف عن العمل، ولكن بشرط أن تدخل ذلك ضمن عقدك، بأن تقول في العقد في حالة الإخلال بأيّ شرط من شروط العقد فإن المقابل له الحق في التوقف عن التنفيذ إلى أن يتم تنفيذ ذلك الشرط.

والله أعلم.

آخر الفتاوى