حكم المشاركة بين المسلم والبوذي؟

السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم الإخوة الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الرجاء التكرم بعرض استفساري على أصحاب الفضيلة من أهل العلم والتخصص في مجال الفتاوى الاقتصادية… شاكرًا لكم هذه الخدمات وداعيًا المولى لكم بالتوفيق والأجر الجزيل.

أود السؤال عن ضوابط العمل التجاري الذي يدار حسب المواصفات التالية:
نوع المشروع: شركة عالمية بمشاركة بين مسلم يملك الثلث وغير مسلم (بوذي) يملك الثلثين. والمشاركة هنا في رأس المال والإدارة، وكلا الشريكين محتاج للآخر؛ لإنجاح المشروع. ويتجاوز عدد العاملين في الشركة مائتي عامل، نصفهم من النساء تقريبًا، وغالبيتهم العظمى من غير المسلمين. الشركة مقرها الرئيسي في بلد غير مسلم وبيئة العمل غير إسلامية. يستهدف المشروع استقطاب التجار العرب والمسلمين الذين يتاجرون مع هذه البلاد.

وأنشطة المشروع الرئيسية: العمل الدعائي والتجاري عن طريق إقامة المعارض التجارية وبيع منتجات الشركات العارضة. فالشركة تملك معرضًا في بلد غير مسلم، تدعو له الشركات والمصنعين لعرض منتجاتهم وتساعدهم في ترويج هذه المنتجات عن طريق الدعاية المقروءة والمصورة على الورق وعلى شبكة الإنترنت عبر موقع الشركة المتخصص.

والسؤال الأول هنا: بعض الشركات العارضة ترغب في عرض منتجات محرمة، مثل الخنزير، والخمر، والدخان، والرموز الدينية النصرانية أو الوثنية. ونحن نواجه احتكاكًا نسبيًّا مع الشريك غير المسلم في منع هذه الشركات من المشاركة بمعروضاتها في المعرض، وإلى الآن استطعنا تغليب وجهة نظرنا ومنع هذه الشركات، وإن كان التفلت قد يحصل بين الحين والآخر لتداخل المنتجات المحرمة في أمور كثيرة، ولكن نودّ أن نستوضح – (وبما أن البلد الذي يقام فيه هذا المعرض بلد غير إسلامي ويبيح هذه المحرمات) – عن مدى تحمل الشريك المسلم إثم هذه المعروضات وبخاصة أننا نخاف انتكاسة المشروع، وهل من مخرج بفصل المنتجات المحرمة وإخراج مردوداتها من الشراكة واعتبار مردوداتها للشريك غير المسلم؟ أم أن هناك أسلوبًا آخر من الممكن اتباعه في هذه الشراكة؟


أما السؤال الثاني فهو متعلق بشكل الدعاية حيث إن وسائل الدعاية المصورة قد تتضمن صور للنساء، وهنا الكلام على المنتجات المباحة أصلاً. وأود التفصيل في هذا الأمر، فهناك أشكال متعددة لاستخدام صور النساء، فمثلا كثير من الشركات العارضة تستخدم صور للنساء بشكل فاحش ومثير… وهناك فريق آخر من الشركات قد يعرض أو يستخدم صورًا أخرى تعرض النساء بشكل” أكثر جدية “، وليس بالضرورة أن تكون بشكل خليع، وإنما على النمط الشائع في المجتمعات غير مسلمة. فما هي حدود استخدام هذه الصور في الدعاية المطبوعة أو على الإنترنت. هذا بالإضافة إلى أن الشركة تصدر مجلة دورية مصورة وقد يحدث أن تعرض صورًا إخبارية- وليست بالضرورة دعائية- تحتوي على نساء متبرجات، – أي غير محجبات -.

ملاحظة: بما أن المشروع يستهدف المسلمين، فحجتنا بالابتعاد عن عرض المحرمات تلقى قبولاً ولو نسبيًّا، ولكن ممارسات بعض التجار المسلمين، سامحهم الله، تنسف مثل هذه الحجج. ومن الأمور الإيجابية في مثل هذا المشروع سعينا لتوفير خدمات متعددة للتاجر المسلم بشكل أفضل مما هو عليه الحال في التعامل مع غير المسلمين، حيث نأمل من خلال هذه الخدمات توفير بديل يحصل من خلاله التاجر المسلم الذي يزور تلك البلاد على قدر مقبول من الخدمات الإسلامية كتوفير مصلى ومطعم للأكل الحلال وفندق.

وجزاكم الله عنا كل خير

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وصحبه ومن تبع هداه وبعد

فبالنسبة للسؤال الأول لا مانع شرعًا من مشاركة المسلم لغير المسلم، ولكن بشرط أن يلتزم غير المسلم بالضوابط الشرعية بحيث لا يتعامل في المحرمات فيما يتعلق بجميع شؤون الشركة، ولا يعرض المحرمات، وهذا شرط أساسي في مشاركة المسلم لغير المسلم ومن هنا فإذا كانت الشركة إلى الآن التزمت بعدم عرض هذه المعروضات المحرمة فإن هذه المشاركة لا تزال صحيحة، وإذا وجد تفلت دون علم أو دون سيطرة من الشريك المسلم، فيمكن للشريك المسلم أن يحذر شريكه غير المسلم بعدم تكرار ذلك. والاقتراح الذي قدمه السائل من أن تكون المعروضات المحرمة من نصيب الشريك غير المسلم فهذا لا يعفي الشريك المسلم من تحمل المسؤولية، لأن الشراكة في الشريعة والقانون تعم كل التصرفات التي تتم من الشريكين لصالح الشركة، فكل شريك أصيل ووكيل أصيل عن نفسه ووكيل عن الآخر، والموكل يتحمل مسؤولية وكيله إذا تصرف تصرفا في الشركة إلا إذا منعه، ثم خالفه فحينئذ لا يتحمل المسئولية ولكن إذا تكررت المخالفة فلا يجوز السكوت عنها فالحل هو أن تنص الاتفاقية على هذا الالتزام وحينئذ كما يقال فالعقد شريعة المتعاقدين فيجوز للشريك أن يمنع شريكه غير المسلم من أي تصرف محرم، من خلال العقد والاتفاقية. ولكن إذا تمت الاتفاقية بين الشركة وشركات أخرى التي غالب نشاطها حلال، ثم هي عرضت من خلال منتجاتها بعض المحرمات، فإذا لم يمكن منعها، فإن الشريك المسلم لا يتحمل مسؤولية الشركات المشاركة.

الجواب عن السؤال الثاني: إن استعمال صور النساء إذا كانت مثيرة فهذا غير جائز بالإجماع، ولا يجوز للمسلمين أن يستعملوا هذه الصور مهما كانت الدوافع ومهما كانت الغايات، لأن الإسلام أوجب أن تكون الوسيلة مشروعة كما أن الغاية يجب أن تكون مشروعة، وهكذا الأمر بالنسبة للمجلة فلا بد أن يكون للإنسان المسلم تأثيره في نشاطاته وأعماله وتمايز في تجارته وإعلاناته، فلا ينبغي له أن يخضع للواقع المؤلم الذي نشهده، وهناك مجال كبير في الدعايات الهادئة، والهادفة، من خلال صور سواء كانت للرجال أو للنساء ولكنهن محتشمات غير مثيرات
والله أعلم    

آخر الفتاوى