الفروق بين البنوك الإسلامية، والبنوك التقليدية:

السؤال: فضيلة الشيخ الدكتور علي محيى الدين القره داغي حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد

 فقد كثر الحديث حول الفروق الأساسية بين البنوك التقليدية، والبنوك الإسلامية من الناحية العملية.

فهل تتفضل علينا ببيان هذه الفروق إن كانت موجودة بيانًا شافيًا واضحًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد

فبما أنكم قد طلبتم الجواب الشافي والواضح، سأجيب عن سؤالكم بالتفصيل الدقيق بإذن الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فتوى حول التعامل بالبنوك الربويّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الدكتور: علي محي الدين القرّة داغي

أستاذ ورئيس قسم الفقه والأصول بكلية الشريعة. جامعة قطر

سيـدي، لـقد لاحظت عند تتبعي لمداخلاتكم عبر الشاشة المرئية أنكم بفضل الله تجمعون بين علوم الدين والعلوم المعاصرة المتعلقة خاصة بالمعاملات المالية والاقتصاد.

سيـدي، لقد بذلت كل الجهد في التحصل على عنوان بريدكم الإلكتروني لذا أرجو وبكل لطف من سماحتكم إجابتي عـن الأسئلة التالية و لو بعد مدة وإن أمكن مدي بعناوين بعض المراجع في الغرض.

السائل: ن. ق موظف سامي بقطاع الطاقة – تونـــس

 المعاملات فــــي إطـــار البنوك التـقليدية

السؤال: القرض البنكي الذي مهما كانت نسبة فائدته بغية شراء مسكن أو سيارة يعتبر ربا. أم أن شأنه كشأن البيع بالأجل الذي هو مباح باتفاق، إذا علمنا أن هذا المبلغ سيحوّل مباشرة للبائع من طرف البنك المموّل؟

 الرجاء أيضًاح هذه المسألة، لأن في الواقع المنتفع بالقرض لم يتسلم الأموال بيده حتى تكون العملية اقتراض أموال وإرجاع أموال بفائدة فهذا عين الربا. غير أن الأموال في هاته الحالة قد حولت مباشرة للبائع مقابل بضاعة اشتريت من طرف شخص تدخل البنك من أجله وحل محله لدفع الثمن. فما هو المانع الشرعي إن وجد، من أن تكون هاته العملية هي بدورها عملية بيع بالأجل. وما هي عين الحرمة إن كانت هذه العملية غير مباحة شرعًا. وكيف يمكن إصلاحها وتعديلها في إطار البنوك الإسلامية لتصبح مباحة.

الجواب:

الربا المحرم بالإجماع هو ربا النسيء (ربا الجاهلية) وهو اقراض النقود بزيادة، أو اقتراضها بزيادة، أو الزيادة على الثابت في الذمة بأن يقول المقرض الذي أعطاه القرض لفترة، أو الدائن الذي باع إليه بأجل محدد بحيث إذا انتهى الأجل يقول للمقترض، أو المدين: (إما أن تقضي وإما أن تربي) فكل ذلك من أنواع الربا المحرم بنص القرآن الكريم فقد قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (سورة البقرة / الآية 275 279).

 فالإسلام يريد أن لا تكون النقود سلعة، بل جعلها وسيلة، وأن لا تقع فيها المتاجرة بالزيادة أو بالأجل، لأن التجارة في النقود بالزيادة ستؤدي إلى التضخم والبطالة لأنها تترب عليها زيادة في الالتزامات والديون دون أي زيادة في الإنتاج، بل قد لا يترتب عليه أي إنتاج، ولا تترتب عليها تنمية ولا تعمير الأرض. بالإضافة إلى أن الله تعالى جعل لكل عقد ميزان العدل، وزع الحقوق والواجبات على كفتيه، فالقرض له ميزان وله كفتان تقع في كفة المقرض ايجابية وسلبية، الايجابية: هي ضمان ماله في جميع الأحيان، والسلبية: هو أنه ممنوع من الاستفادة من هذا القرض.

 وأما كفة المقترض ففيها ايجابية وهي أن ما ينتج من القرض يكون للمقترض، وسلبية وهي أن المال مضمون عليه في جميع الأحوال.

 وفي الربا اختل هذا الميزان حيث اجتمعت في كفة المقرض المرابي كل الإيجابيات فماله مضمون، ويأخذ فائدة مضمونة، واجتمعت كل السلبيات في كفة المقترض المسكين، حيث إن المال عليه مضمون، ومطالب كذلك بفائدة مضمونة.

آخر الفتاوى