ضوابط التمويل الإسلامي:

السؤال: الحمد الله وحده، أنا من تونس لدي سبعة أسئلة:

السؤال 1: الرجاء التعريف بصيغة تمويل متاجرة في البنوك الإسلامية.

الجواب:

 المقصود بالمتاجرة هي البيع والشراء لأجل الربح، وبتمويل المتاجرة في البنوك الإسلامية أن تقوم هذه البنوك بالتسهيلات اللازمة لإجراء العقود المطلوبة من البيع والسلم والمرابحة وغير ذلك من الصيغ التمويلية لتحقيق التجارة المطلوبة للعملاء، ولكل صيغة من هذه الصيغ تعريفها وتفصيلها لا يسع المجال لذكرها ولكن أهم وظيفة للبنك الإسلامي هي:

– أن يقوم بنفسه بالتجارة أو أن يكون مشاركًا أو يسهل أي صيغة تمويلية مشروعة لتحقيق الربح والتنمية في المجتمع، ومن أهم ضوابط التجارة المشروعة أن يكون محل التجارة (المعقود عليه) مباحًا شرعًا، ولا يكون في العقد غرر ولا ربا، وأن لا يكون فيها غش، ولا خيانة، ولا تدليس ولا تغرير، بل تكون قائمة على البيان والافصاح.

ــــــــــــــــــــــــــــ

الأجر على الضمان نفسه غير جائز، ولكن على الجانب الإداري جائز

السؤال 2: هل يجوز في البنوك الإسلامية أخذ عمولة لقاء عملية ضمان (خطاب ضمان)

الجواب:

 خطاب الضمان هو ما يسميه الفقهاء بالكفالة أو الضمان وقد اتفق جماهيرهم على عدم جواز العمولة على أصل الكفالة باعتبار أنها تقوم على التبرع، والتبرع لا يجوز أخذ الأجرة عليه، ولكن خطاب الضمان اليوم ليس مجرد ضمان شفوي بل هو عملية تتكون من أعمال إدارية ومن الضمان فلذلك أجاز المعاصرون جواز الأجرة على الجوانب الإدارية منه، في حين ذهب بعض المعاصرين إلى جواز الأجرة والعمولة على خطاب الضمان مطلقًا ولكن التفصيل الأول هو الراجح. فالبنوك الإسلامية تأخذ العمولات على هذا الجانب الإداري الذي يسمى في الفقه الإسلامي بالوكالة بالأجر وهي جائزة عند جميع الفقهاء.

هذا وقد صدر قرار من مجمع الفقه الاسلامي قرار رقم 12(12/2) نص على ما يأتي: (إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمر الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الآخر 1406هـ، الموافق 22 – 28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م، وبعد النظر فيما أُعد في خطاب الضمان من بحوث ودراسات، وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة التي تبين منها:

أولاً: أن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه، فإن كان بدون غطاء، فهو: ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالاً أو مآلاً، وهذه هي حقيقة ما يعنى في الفقه الإسلامي باسم: الضمان أو الكفالة.

 وإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي: الوكالة، والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له).

ثانيًا: إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد به الإرفاق والإحسان. وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعًا على المقرض، وذلك ممنوع شرعًا.

قرر ما يلي:

أولاً: إن خطاب الضمـان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان – والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته – سواء أكان بغطاء أم بدونه.

ثانيًا: إن المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه جائزة شرعًا، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء والله أعلم ؛؛) يراجع: مجلة المجمع (العدد الثاني، ج2 ص 1035).

ــــــــــــــــــــــــــــ

حكم الوعد والمواعدة في المرابحة:

السؤال3: ضمن شروط عقود تواعد بالبيع (مرابحة) المسحوبة بعقود وكالة الضمانات ومن بينها عند فتح البنك الاعتمادات لشراء البضاعة يقع تمثيل المبالغ المستحقة عن ثمن البيع بواسطة مطبوعات ممضاة على بياض صالحة لإنشاء سندات للأمر وضمن شروط العقد تواعد بالبيع أن لا تكون هذه السندات للأمر مستحقة الأداء إلا بعد مدة معينة من تاريخ عقد البيع النهائي. هل يجوز للبنك تعمير المطبوعات (صالحة لإنشاء سندات للأمر) و استعمالها قبل إبرام عقد البيع النهائي و إنهاء الوكالة وفي غياب الحريف.

الجواب:

يجوز للبنك في حالة البيع بالمرابحة أن يأخذ وعدًا ملزمًا من العميل فقط بالشراء أو ان يعطي البنك وحده وعدًا ملزمًا بالبيع، وأن يأخذ الضمانات الكافية للديون التي ستتحقق فيما بعد ولا مانع من ذلك، وعندما يتخلف العميل عن وعده فإن البنك أو العميل يستطيع أن يأخذ المقابل نظير الأضرار التي نشأت بسبب هذا الوعد وقد أخذ ذلك من المذهب المالكي ومذهب ابن شبرمة. أما عقد البيع النهائي فلا بد أن يتم بعد تملك البنك البضاعة وحيازته حيازة شرعية سواء كانت حقيقية أم حكمية.

وقد صدر بذلك قرار من مجمع الفقه الاسلامي الدولي، قرار رقم 10-41(2/5 ة 3/5) نص على أنه: (إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1- 6 جمادى الأولى 1409 الموافق 10 – 15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، وبعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوعي الوفاء بالوعد، والمرابحة للآمر بالشراء، واستماعه للمناقشات التي دارت حولهما،

قرر ما يلي:

أولاً: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعًا، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه.

ثانيًا: الوعد – وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد – يكون ملزمًا للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقًا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلاً بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.

ثالثًا: المواعدة – وهي التي تصدر من الطرفين – تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز، لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكًا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده.

ويوصي بما يلي:

في ضوء ما لوحظ من أن أكثر المصارف الإسلامية اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء.

أولاً: أن يتوسع نشاط جميع المصارف الإسلامية في شتى أساليب تنمية الاقتصاد ولاسيما إنشاء المشاريع الصناعية أو التجارية، بجهود خاصة، أو عن طريق المشاركة والمضاربة، مع أطراف أخرى.

ثانيًا: أن تدرس الحالات العملية لتطبيق المرابحة للآمر بالشراء لدى المصارف الإسلامية، لوضع أصول تعصم من وقوع الخلل في التطبيق، وتعين على مراعاة الأحكام الشرعية العامة أو الخاصة ببيع المرابحة للآمر بالشراء. والله أعلم..) مجلة المجمع (العدد الخامس، ج2 ص 754 و 965).

ــــــــــــــــــــــــــــ

على من تكون مصاريف المرابحة؟

 السؤال 4: شراء البضاعة في المواعدة بالبيع (مرابحة).

هل مصاريف شراء البضاعة من فتح اعتمادات و غيرها على مسؤولية العميل، مع العلم قد سبق تحديد ثمن البيع الذي يشمل أصل ثمن البيع و المربوحية العائدة للبنك (ضمن شروط عقود تواعد بالبيع).

الجواب:

جميع المصاريف الخاصة بالبضاعة التي اشتراها البنك يتحملها البنك ثم يضيفها إلى ثمن البضاعة عند البيع بالمرابحة ولا مانع شرعًا من أن يقوم البنك بتوكيل العميل بدفع هذه المصاريف نيابة عن البنك وليس أصالة، ثم يخصمها من الثمن، أو يردها إليه.

ــــــــــــــــــــــــــــ

اشتراط الرهن والضمانات للديون جائز :

السؤال5: ضمن شروط عقود تواعد بالبيع (مرابحة) أو عقد تمويل مرابحة يرصد العميل للبنك ووعده بإسناده رهن عقاري كضمان لتنفيذ العقود المذكورة على وجه شرعي. هل يجوز للبنك ترسيم رهون عقارية بعقود تواعد بالبيع (مرابحة) قبل تملك البنك نفسه للبضاعة و قبل ترتب الدين.

الجواب:

لا مانع من إجراء رهن عقاري ضمانًا لأداء الديون الناتجة عن عقد المرابحة كما أنه لا مانع من أخذ الضمانات الكافية لتنفيذ عقد المرابحة، بل إن هذا مطلوب في البنوك الاسلامية حماية لأموالها، وأموال المودعين من الضياع والاعتداء عليها.

 بل إن بعض الفقهاء أجاز أجراء عقد الرهن للالتزامات التي تتحقق فيما بعد سَموه برهن ما يجب قياسًا على كفالة ما سيجب، كما ورد في قصة يوسف عليه السلام (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) (سورة يوسف: من الآية 72) ولا أرى مانعا في ذلك ما دام الدين سيتحقق، وإذا لم يتحقق فيلغو الرهن أو الكفالة دون أن يترتب على ذلك ضرر بأحد الطرفين. والله أعلم

ــــــــــــــــــــــــــــ

اجراءات عقد المرابحة :

 السؤال6: عقود تواعد بالبيع (مرابحة) أو عقد تمويل مرابحة المسحوبة بتوكيل لشراء و استلام البضاعة نيابة عن البنك. هل هي كافية (العقود المذكورة) لتنتقل بها ملكية البضاعة من البنك للعميل بدون اللجوء لإبرام عقد البيع النهائي وهو عقد المرابحة و إنهاء الوكالة.

الجواب:

لابد لصحة عقد المرابحة من الاجراءات التالية:

1- أن يقوم البنك بشراء البضاعة أولا

2- أن يحوز البنك البضاعة حيازة ولو كانت حكمية وذلك مثل استلام بوليصة الشحن ونحوها مما يعتبر قبضًا حكميا، ومثل تعيين البضاعة، أو فرزها، أو زنها….

3- ثم يقوم البنك ببيع البضاعة للعميل الواعد والآمر بالشراء.

 هذه الخطوات الثلاث ضرورية لصحة عقد المرابحة، وحينئذ لا يكتفى بمجرد العقد للبيع الثاني وإنما لا بد من تحقق القبض ولو كان قبضا حكميا والمراد بالقبض الحكمي التمكن من القبض بحيث يكون المشتري قادرا على القبض لو أراد دون وجود موانع ومن المعلوم أن القبض الحقيقي لا يشترط إلا في بيع النقود بالنقود أو بيع الطعام.

ــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال7: تلف (فساد) البضاعة في التواعد بالبيع (المرابحة) على حساب من؟ إذا كان قبل إبرام..عقد البيع النهائي

الجواب: هلاك البضاعة أو تلفها أو تعييبها تقع مسؤوليته على البنك قبل العقد النهائي، ولا مانع شرعًا من إجراء التأمينات اللازمة من قبل شركات التكافل الاسلامي، وتحمل هذه المسؤولية من قبل البنك الاسلامي تميزه عن البنوك الربوية التي تعطي القرض بفائدة دون تحمل أية مسؤولية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأسس الحاكمة للبنوك الاسلامية :

السؤال7: الرجاء التعريف بخصوصية أو مبدأ البنوك الإسلامية وخاصة تقول هذه البنوك بأنها بنوك مشاركة فكيف هي هذه المشاركة.  

الجواب:

خصوصية البنوك الإسلامية تكمن في أنها تلتزم بالشريعة الإسلامية وتستعمل أدواتها ووسائلها من العقود المشروعة دون أن يشوبها الربا وغيره من المحرمات ومن هنا فلا ينحصر دور البنوك الإسلامية في المشاركة بمعناها الضيق وإنما فيها المشاركة المالية والمشاركة الفنية مثل عقد المضاربة والمقارضة وعقد البيع والسلم والاستصناع والمرابحة والإجارة ونحوها، فالبنوك الإسلامية تقوم على:

الأساس الأول: تنمية الأموال عن طريق المشاركات القائمة على الغنم والغرم بجميع أنواعها من شركات الأموال، والمضاربة، والمساقاة، والمزارعة، وشركة الوجوه والصنائع والأبدان.

الأساس الثاني: تمويل المشروعات والعقارات والسلع عن طريق المرابحة، والمساومة والاستصناع ونحوها.

الأساس الثالث: تقديم الخدمات بجميع أنواعها المتاحة من التحويلات وخطابات الضمان، ونحوها.

آخر الفتاوى