حكم الزيادة التي تأخذها البنوك الإسلامية بسبب البيع بالتقسيط

السؤال: فضيلة الشيخ الدكتور علي القره داغي حفظكم الله تعالى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 بين حين وآخر تثار الشبهات حول الزيادة التي تأخذها البنوك الإسلامية بسبب البيع بالتقسيط أو الإجارة المنتهية بالتمليك أو نحو ذلك.

فما حكم الزيادة في البيع بالتقسيط؟

الجواب:

لتوضيح هذه المسألة يتطلب منا أن نوضح مسألة زيادة الثمن نظير الأجل:

فالجمهور على أن بيع البضاعة بالأجل بثمن أعلى من بيعها بالنقد جائز وأدلتهم على ذلك ما يلي[1]:

أولاً: الأصل في الأشياء الإباحة مالم يرد نص بالتحريم[2].

ثانيًا: لم يرد نص من كتاب أو سنة أو إجماع يحرم الزيادة في الثمن نظير تأجيل الدفع أو الدفع بالتقسيط.

ثالثًا: زيادة الثمن نظير تأجيل البيع لا دخل له بالربا، لأن هذا بيع وشراء (وأحل الله البيع وحرم الربا)، أما الربا فأخذ مال مع رده بزيادة متفق عليها سلفا “أما في هذه الحالة فهي حالة بيع وشراء والزيادة هي ربح على السلعة المباعة وتختلف عن الإقراض بالربا، أي القرض مقابل الزيادة وقديما قال العرب بهذه الشبهة، وذكروا أنه لا فرق بين الحالين، فذكر الله قولهم، وفند أراءهم حيث قال: (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا)، فهذه حالة بيع وللبائع أن يضع للمبيع ما يراه من شروط لاعتبارات يراها بشرط ألا تصل إلى حد الاستغلال الفاحش والظلم البين وإلا صارت حراما.

وقد جمع الإمام الشوكاني رسالة في هذه المسألة سماها “شفاء العلل في حكم زيادة الثمن لمجرد الأجل” وقال لقد حققنا هذه الرسالة تحقيقا لم نسبق إليه، وخلص فيها إلى القول بأن الزيادة نظير الأجل قالت به الشافعية والحنفية وزيد بن علي والمؤيد بالله والجمهور وقالوا: “يجوز لعموم الأدلة القاضية بجوازه وهو الظاهر”.

ويقول العلامة محمد أبو زهرة: “إن المبيع سلعة لها منافع ولها غلات، وإن كانت مما ينتفع باستهلاكه، فإن أسعارها تختلف باختلاف الأزمان. فهي في زمن بسعر، وفي غيره بسعر فإذا احتاط البائع لنفسه فباعها بثمن مؤجل مرتفع، ومعجل غير مرتفع، فلأن موضوع المعاملة يقبل الارتفاع والانخفاض في الأزمان وله غلات بنفسه، أما النقود فهي وحدة التقدير، فالمفروض ألا يؤثر فيها الزمان، وينبغي أن تكون كذلك دائما؛ لأنها ليست سلعا ترتفع قيمتها وتنخفض.

هذا وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرار رقم (51 (2 /6) حيث نص على ما يأتي:

[ أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقدًا، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل. فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد فهو غير جائز شرعًا.

ثانيًا: لا يجوز شرعًا، في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة.

ثالثًا: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم.

رابعًا: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعًا اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء.

خامسًا: يجوز شرعًا أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها، عند تأخر المدين عن أداء بعضها، ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد.

سادسًا: لا يحق للبائع الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. ] يراجع: مجلة المجمع (العدد السادس، ج1 ص 193 والعدد السابع ج2 ص9)..


[1] د. حسين حسين شحاته، محمد عبد الحكيم زعير – المصارف الإسلامية بين الفكر والتطبيق – سلسلة بحوث ودراسات في الاقتصاد الإسلامي – بدون تاريخ- ص 412.

[2] يراجع: مبدأ الرضا في العقود، دراسة مقارنة، أ.د. علي محيى الدين القره داغي، ط. دار البشائر الإسلامية بيروت (2/1148)

آخر الفتاوى