الفرق بين المضاربة المطلوبة في البورصة، والمضاربة في الفقه الإسلامي؟

السؤال: ما حكم المضاربة بالبورصة وما فائدة التي تعود من ذلك على الاقتصاد الاسلامي؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد

المقصود في المضاربة في البورصة هو التعامل ببيع وشراء الأسهم بحيث يشتري الإنسان الأسهم لأجل أن يرتفع سعرها فيبيعها وهكذا فيبيع ويشتري من أجل الحصول على الأرباح التي تحدث بسبب ارتفاع أسعار الأسهم، ومن المعلوم أنه إذا انخفضت فإن المضارب يخسر بنسبة النزول، هذه المضاربة في البورصة وهي غير المضاربة في الفقه الإسلامي التي يراد بها المشاركة بين المال والخبرة، حيث يعطي شخص يسمى رب المال ماله لشخص آخر له الخبرة والدراية في التجارة فيسمى المضارب، على أن يكون الربح المحقق مشتركا بينهما حسب النسبة المتفق عليها، هذه المضاربة الفقهية وهي مشروعة بالإجماع، أما المضاربة في البورصة فيقوم به شخص واحد أو أكثر يريدون كسب الأرباح السريعة عن طريق الصفقات الكثيرة حيث لا يريدون الاحتفاظ بهذه الأسهم وإنما يريدون الأرباح بقدر الامكان، هذه المضاربة نوعان:

نوع يريد به المضارب التأثير في السوق لاسيما إذا كان له أموال كبيرة بحيث حينما يريد أن يرفع سعر سهم يطلب كمية كبيرة منه فيرتفع سعر السهم وحينما يريد أن ينزل سعر السهم ينزله بكمية كبيرة على ضوء ما يسمى في عالم السوق الرأسمالي قانون العرض والطلب، هذا النوع لا شك أنه غير مشروع لأنه يظهر فيه الأضرار بالآخرين لحساب المضارب، وهذا ما يفعله كبار التجار اليهود في الأسواق العالمية، ومناقصة جورج سيورس عنا ببعيدة حيث استطاع من خلال المضاربات الكبيرة أن يضرب أسواق النمور الستة قبل عدة سنوات، ويخسرهم عشرات المليارات من الدولارات بل يؤخر النمو الاقتصادي في هذه الدول عدة سنوات.

 ويؤكد معظم الاقتصاديين في الغرب على أن أحد أسباب الأزمة المالية هي المضاربات في البورصة ولا سيما عن طريق الخيارات (الأوبشنز) والمستقبليات (فيوتشرز) اللذين حرمهما مجمع الفقه الاسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي.


والنوع الثاني: هو المضاربة العادية التي يريد المضارب أن يشتري ويبيع دون الأضرار بالآخرين ودون التأثير في السوق، فهذا النوع حلال لأنه ليس هناك مانع شرعي يمنعه كما أنه ليس فيه محظور شرعي يجعله محرمًا، فالتجارة ما دامت في أسهم حلال مشروعة، ولا يشترط في الشريعة الإسلامية أن تكون نية المشتري قائمة على إبقاء المبيع لأن أعمال التجارة التي أباحها الله سبحانه وتعالى من شروطها قائمة على هذا التداول دون نية الاستمرارية والبقاء.

أما فائدة المضاربة للاقتصاد الإسلامي ليست كبيرة، ولكنها ليست محظورة كما قلنا، إذن فمن باب فقه الأولويات الأفضل للمسلم فعلاً أن يستعمل نقوده في التجارة والصناعة والزراعة التي يكون لها نفع أكثر للأمة الإسلامية إضافة إلى المنافع الفردية الخاصة، أما الأسواق والأوراق المالية (البورصات) فلها فوائد كثيرة إذا ضبطت ضبطًا متوازنًا من خلال القوانين واللوائح المنظمة القائمة على أحكام الشريعة ومبادئها.

 هذا والله أعلم.

آخر الفتاوى