السؤال:
كما لا يخفى عليك فإن السنة المالية للشركات والبنوك قد انتهت، فهل تتفضلوا علينا ببيان نسب الزكاة في الأسهم، ونسب التنقية والتطهير، وكيفية أداء الزكاة في هذه الأسهم؟
الجواب:
بما أن معظم الميزانيات للشركات والبنوك لم تظهر فإننا قد قمنا بترتيب بيان نسبة الزكاة للشركات والبنوك التي ظهرت ميزانيتها، وعندما تظهر كل الميزانيات فإننا ننشر جميع نسب الزكاة لجميع البنوك والشركات، والتطهير للشركات المختلطة بإذن الله تعالى.
أما المبادئ العامة لزكاة الأسهم فهي كالآتي:
ودون الخوض في بعض التفاصيل التي ذكرها الفقهاء المعاصرون [1] والمؤتمرات والندوات الفقهية فإنّني ألخصها فيما يأتي:
أولاً: أن الأسهم اليوم تعتبر بإجماع العقلاء من أهم الأموال التي يمتلكها الإنسان، ولذلك فهي داخل في جميع النصوص الدالة على وجوب حق الفقراء والمساكين والزكاة في جميع الأموال المعتبرة مثل قوله تعالى: ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)) (سورة التوبة 103) وقوله تعالى: ((والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)) (سورة المعارج 25) في بيان أن النجاة لا يكون إلا لهؤلاء، ناهيك عن الأحاديث الصحيحة في هذا الباب [2] ولذلك أجمع المعاصرون على وجوب الزكاة في الأسهم من حيث المبدأ ــ وإن اختلفوا في بعض التفاصيل.
ثانيًا: الزكاة في الأسهم المحددة للتجارة، والبيع والشراء والتداول:
فقد اتفق الفقهاء المعاصرون على وجوب الزكاة في قيمة السهم حسب سعر السوق إذا كان شراؤه بنية التجارة، أي بيعه عند ارتفاع قيمته، أو تداوله لأجل الربح، وعلى هذا جميع المؤتمرات الفقهية، والندوات التي بحثت الموضوع [3] واتفقوا كذلك على أن نسبة الزكاة في هذه الحالة هي 2،5 %.
فعلى ضوء ذلك فمعرفة مقدار الزكاة في الأسهم المعدة للتجارة، والبيع والشراء، والتداول سهلة جدًا، فمثلاً من كان لديه ألف سهم لشركة ما، فعليه أن يعرف قيمتها يوم حولان الحول (أي يوم دفع الزكاة سنويًا) فإذا كانت قيمة كل سهم مائة ريال، فهو يضرب عدد الأسهم في 100 ريال فيكون الناتج مائة ألف ريال، ويكون الواجب عليه ألفين وخمسمائة ريال، وهكذا.
وإذا كان الشخص مدينًا لأجل التجارة في الأسهم فيخصم قيمة الدين من القيمة الناتجة، ثم يدفع الزكاة عن الباقي كما سبق.
وإذا كان مضاربًا بأموال الناس، فيدفع الزكاة بنسبة 2،5 % من الربح المحقق عند حولان الحول، أما رب المال فيدفع الزكاة عن رأس ماله، وربحه المحقق له عند حولان الحول.
ثالثًا: زكاة الأسهم المعدة للاستفادة من ريعها:
إذا كانت الأسهم لم يشترها صاحبها للتجارة، بل للاستفادة من أرباحها (وللزمن كما يقال) فإن زكاتها محل خلاف كبير يمكن حصره في رأيين معتبرين هما:
الرأي الأول: وجوب الزكاة في ربح هذه الأسهم بنسبة 10 % قياسًا على ما تنتجه الأرض من الثمار، حيث يجب فيها العشر (10 %) إن كان إنتاجها بدون كلفة تذكر كأن تسقى بماء السماء، وفيها الخمس (5%) إن كان بكلفة كأن تسقى بماء البئر.
وهذا الرأي قد نظر إلى سهولة الإخراج في حين أن معرفة الموجودات الزكوية ليست سهلة في السابق، ولكن هذا الراي فيه إشكاليات كثيرة في نظري من أهمها ما يأتي:
1 ـــ أن الأرباح في جميع الشركات لا توزع جميعها، وإنما يوزع جزء منها حيث يؤخذ منها الاحتياطات والمخصصات ونحوهما، كما أنها أيضًا قد توزع في بعض الأحيان على شكل الأسهم المجانية، فكيف تدفع زكاتها إذن؟
2 ــ إن ذلك يؤدي إلى التفرقة بين أموال مستثمرة ولكنها في شكل أسهم، وأموال مستثمرة أخرى لم ترتب على أساس الأسهم، مع أن حقيقتها واحدة، علمًا بأن الشريعة لا تنظر إلى الأسماء كثيرًا، وإنما المهم عندها الحقائق والمقاصد وأنها لا تجمع بين متفرق، ولا تُفرق بين مجتمع.
الرأي الثاني: هو أن هذه الأسهم إما:
أ ــ أن تكون تابعة لشركة تلتزم حسب نظامها الأساسي أو قرار الجمعية العمومية بدفع الزكاة عن أسهمها كما هو الحال في بعض البنوك والشركات الإسلامية ــ فحينئذ لا يجب على المساهم المستثمر دفع زكاتها مرة أخرى، إذ: ” لا ثِنى في الإسلام ” أي لا تتكرر الزكاة في عام واحد على مال واحد بعينه.
ب ـــ وأما إذا كانت الشركة لا تلتزم بدفع زكاة أسهمها ولكن نسبة الزكاة تذكر من خلال هيئتها الشرعية، فحينئذ يجب على المساهم دفع تلك النسبة وذلك بضرب عدد أسهمه في تلك النسبة المذكورة، فلنفرض ستين درهمًا من كل ريال لكل سهم، فمن لديه ألف سهم يضربها في 60 % يطلع الناتج 600 ريال وهو الواجب دفعه، وهكذا، وهذا هو الحال في بنك قطر الدولي الإسلامي والشركة الإسلامية القطرية، ومصرف قطر الإسلامي، حيث تذكر الهيئة الشرعية الواجب من الزكاة في الأسهم كل عام، بعد التصديق على الميزانية.
ج ــ وإما أن تكون الشركة غير ملتزمة بدفع الزكاة وليس لها هيئة شرعية، فحينئذ، إما أن يذكر نسبة الزكاة فيها صندوق الزكاة، كما هو الحال في قطر، ويذكرها بعض أهل العلم ــ كما كنا ولا زلنا نعمل والحمد لله، فحينئذ يجب على المساهم دفع هذه النسبة المذكورة.
([1]) يراجع لمزيد من التفصيل: فقه الزكاة لفضيلة الشيخ القرضاوي حيث يعتبر سفرًا عظيمًا في باب الزكاة وفتاوى الهيئة العالمية للزكاة .
([2]) يراجع كتب الصحاح والسنن في كتاب الزكاة، حيث خصص كل كتاب منها كتابًا خاصًا بالزكاة .
([3]) يراجع مؤتمر الزكاة الأول، وقرارات المجامع الفقهية والصيغة العالمية للزكاة .