الزواج لمن لا يملك السكن المستقل:

السؤال:

إن كلمة الباءة تعني المكان أو المحل أو البيت أو الموقع أو المسكن، وإليكم هذه الآيات القرآنية الكريمة كدليل على ذلك، وكلها جاءت بمعنى المكان أو البيت أو المسكن أو الموقع:

(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) 112 آل عمران

(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدين)74 الأعراف

(أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) 87 يونس

(وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)56 يوسف

(بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) 26 الحج (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)74 الزمر

(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)59 الحشر

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)58 العنكبوت


ثانيًا – الأحاديث النبوية للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم التي جاءت فيها كلمة الباءة بمعنى البيت أو المسكن أو الموقع أو المنزل أو المحل هي:

(من كذب عليّ متعمّدًا فليتبوّأ مقعده من النار (مسند أحمد 12627
——————————————————–
(من تعلم علمًا لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوّأ مقعده من النار) سنن الترمذي
————————————————–
)قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضًا نادى منادٍ من السماء طِبت وطاب ممشاك وتبوّأت من الجنة منزلاً) سنن ابن ماجة

 لهذا فإن الذي لا يوجد له مكان أو بيت أو مسكن أو مكان منعزل فلا يجب عليه الزواج،
لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف “:من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع منكم فعليه بالصوم فإنه له وجاء

———————————————————
وكما أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف:” إياكم والدخول على النساء”، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال:” الحمو الموت “، والحمو يعني أخو الزوج وهنا إذا حدثت الخلوة بين إخوة الزوج وزوجة أخيهم فإن ذلك فيه المفسدة الكبيرة، وقد وقعت وحصلت فواحش وكبائر الذنوب بسب هذه الخلوة بين إخوة الزوج وبين زوجة أخيهم، أو هناك أعمال أخرى يكون فيها الزوج أي الرجل غائبًا عن زوجته لفترات طويلة، وتبقى الزوجة مع إخوة الزوج في نفس البيت، وتعيش معهم تحت نفس السقف مثل سائق الشاحنات الكبيرة الذي يُسافر من بلد إلى آخر أو البحارة…… وغيرها من الأعمال وكل هذه الخلوات فيها المفسدة ونهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وبأحاديث صريحة والعياذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كان دخول الرجل على زوجة الأخ يسميها أو يصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بالموت… فماذا يمكن أن نقول إلى الذي يعيش مع زوجة الأخ في نفس البيت وتحت نفس السقف ويكون الزوج فيها غائبًا؟ وأن الزوجة وإخوة زوجها يستخدمون نفس الحمامات والمرافق الصحية ودورات المياه.. فماذا نسمي هذا؟؟ الموت أو الهلاك أو جهنم؟؟ فإذا كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يسمي أو يصف الدخول على زوجة الأخ من قبل أخو الزوج أو أي رجل من أقارب الزوج بالموت، وكما جاء في الحديث الصحيح فماذا يمكن أن نسمّي أن تعيش الزوجة مع إخوة زوجها البالغين تحت نفس السقف وفي نفس البيت وزوجها غائب عن البيت، وقد تطول فترة أو مدّة غيابه إلى أسابيع أو شهور؟؟

لهذا فإنّ الذي لا يملك المكان أو البيت المستقل يجب أن لا يتزوّج لأنّ وجود الزوجة مع إخوة الزوج في نفس البيت فيه المفسدة وقد تحدث الخلوة بين الزوجة وإخوة الزوج وهذا ما لا يرضى به الإسلام لأنه الموت، وكما جاء في الحديث الشريف. ولهذا فإنّ عقد الزواج لا يصحّ في حالة عدم توفر البيت أو المكان المنعزل والمستقل للزوجين، أي الباءة، وكما جاء لنا في الحديث الصحيح والذي يقرّ بصحّة عقد الزواج بدون وجود البيت أو المكان المستقلّ للزوجين – الباءة – فإنه سوف ينطبق عليه قول الحق تبارك وتعالى في سورة النور الآية 19) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)النور لأنه سوف يحبّ أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يصف دخول الحمو على النساء بالموت…

 فماذا يمكن أن نسمّي أن يعيش الحمو مع زوجة أخيه في نفس البيت والزوج غائب، وهو ليس له زوجة أو هو أعزب؟ ونحن أبناء آدم تعلمنا من طائر الغراب كيف ندفن موتانا في القبور، لقوله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف الآية 31) فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (واليوم يجب أن نتعلم نحن أبناء آدم من طائر العصفور الدوري وهو طائر يعيش مع الإنسان في كلّ مكان على الأرض أن نبني العشّ أو البيت قبل الزواج لأنّ العصفورة تبني عشًّا مريحًا في مكان آمن في أعالي أغصان الأشجار قبل أن تتزواج وتضع فيها البيض وتفقس الأفراخ الصغار فيها وتربيهم داخل هذا العش الآمن والمريح ورغم أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قد أبلغنا بكل ما أوحي إليه ومنها الباءة التي تعني البيت أو المكان، وجزاكم الله تعالى ألف خير

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الحبيب

أولاً. لي نصيحة لك، وهي أن لا تخطئ كل العلماء بدءًا من الصحابة إلى اليوم الذين فسروا (الباءة) بالمهر، أو بالنفقة، ولا شك أنها تشمل نفقة السكنى، ولكنهم جميعًا لم يجعلوا وجود السكن شرطًا لصحة الزواج، أو حلّه، ولذلك فقولك (والذي يقر بصحة عقد الزواج بدون وجود البيت….. ينطبق عليه قول الحق…..) هذا غير مقبول شرعًا، وهجوم واضح على علماء الأمة

ثانيًا ـ إن (الباءة) في اللغة لها عدة معان: منها المكان، ومنها الرجوع في عدة آيات، منها قوله تعالى (وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) (سورة البقرة: من الآية 61) أي رجعوا، ولا يمكن تفسيره بالمكان والمنزل، قال الطبري (4/66): (انصرفوا بغضب من الله)، ومنها قوله تعالى (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ) (سورة المائدة: من الآية 29).

 ومن معاني (الباءة): الاعداد والتهيئة فقال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (سورة العنكبوت: 58) أي نعد ونهيئ لهم غرفًا، أو ننزلهم فيها.

 وأرجو أن تراجع جميع معاجم اللغة، مثل القاموس المحيط، ولسان العرب، وكتب التفسير، والآيات التي استشهدت بها كلها في هذا الإطار فقوله تعالى (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (سورة آل عمران: 121) (وليست الآية 112 كما في ورقتكم) قال الطبري في تفسيره (4/88-91): (فكانت تبوئة رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين مقاعد للقتال: ما ذكرنا من مشورته على أصحابه بالرأي…) أي: بمعنى الاعداد والتهيئة.

وأخيرًا أنصحك أيضًا أن لا تكون جريئًا في الفتوى والتخطئة، والتفسير والشرح والتأويل، فمن قال برأيه فقط دون الرجوع إلى أهل العلم والتخصص فقد وقع في خطأ كبير.

هذا والله أعلم

آخر الفتاوى