الجواب:
إنما تجب الزكاة في المال إذا تحققت فيه الشروط الآتية، وهي:
- أن يكون المال مملوكًا ملكًا تامًا للشخص المزكي، والمراد بالملكية التامة، هي ملكية ذات الشيء، ومنافعه، أو على حد تعبير الفقهاء: ملكية الرقبة والمنفعة، ولذلك لا تجب الزكاة على الشخص المستعير في الأشياء التي استعارها للاستعمال، ولا على المستأجر للعقارات ونحوها، وإنما تجب الزكاة على المالك، وكذلك لا تجب الزكاة في المال الحرام ولا في المال الموقوف، ولا المال الضمار وهو كل مال مقدور الانتفاع به مع قيام أصل الملك، كالمال المغصوب[1].
- أن يبلغ النصاب،وهو الحد الأدنى لكل مال تجب فيه الزكاة، حيث أعفى الاسلام قدرًا من كل مال من الزكاة، فالنصاب في الضأن والمعز أربعون، وفي البقر ثلاثون، وفي الابل خمس، وفي الذهب عشرون مثقالاً، وهكذا نشرح ذلك فيما بعد، ولذلك لا تجب الزكاة فيما هو أقل من النصاب.
- أن يكون المال ناميًا بالفعل كما في الحيوانات، والتجارة وغيرهما، أو أن يكون النماء حكمًا، أو تقديرًا كما في النقود، حيث هي تعتبر في حكم النماء حتى ولو لم تدخل في التجارة
لأنها قابلة للزيادة والتجارة من خلال صاحبها، أو غيره، فإذا لم تستثمر فإن السبب يعود إلى مالكها، ولذلك ف هو يتحملها، فمن ملك أربعين ألف ريال ـ مثلاً ـ وأودعها في خزينته أو عند شخص آخر، سواء بنية الاستثمار، أو بنية الاستفادة منها في الزواج أو التعليم، أو نحو ذلك فإن الزكاة تجب فيها بنسبة 2.5% ما دام الحول قد حال عليه.
يقول الكاساني فيه: (ولسنا نعني أن يكون المال ناميًا حقيقة النماء، لأن ذلك غير معتبر، وإنما نعني به كون المال معدًا للاستنماء بالتجارة، أو بالأسامة ولأن الأسامة سبب لحصول الدر والنسل، والسمن، والتجارة سبب لحصول الربح، فيقام السبب مقام، وتعلق الحكم كالسفر مع المشقة)[2].
- أن يكون المال فاضلاً عن الحاجة الأصلية، لأنه به يتحقق الغنا، ومعنى النعمة، وهو التنعيم، وبه يحصل الأداء عن طيب النفس، إذ المال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون صاحبه غنيًا عنه، ولا يكون ذا نعمة، إذ التنعيم لها يحصل بالقدر المحتاج إليه حاجة أصلية، لأنه من ضرورات حاجة البقاء وقوام البدن، فكان شكره شكر نعمة البدن، ولا يحصل الأداء عن طيب نفس…، وحقيقة الحاجة أمر باطن لا يوقف عليه… فيقام دليل الفضل عن الحاجة مقامه، وهو الإعداد للإسامة، والتجارة، وهذا قول عامة العلماء، وقال مالك: (هذا ليس بشرط لوجوب الزكاة)[3].
ولذلك لا تجب الزكاة في دار السكنى، ودابة الركوب، وفي عصرنا الحاضر: السيارة المخصصة للركوب، وفي ثياب اللبس، وسلاح الاستعمال، وكتب العلم، وآلات الحرفة ونحوها، ولكن تجب الزكاة في النقود التي يحتاج إليها الشخص، ولكن لم يصرفها حتى حال الحول، لأن العبرة بالواقع.
- حولان الحول، وهو شرط بالاتفاق في الثروة الحيوانية، وأموال التجارة، والنقود ونحوها، وليسر شرطًا بالإجماع في المنتوجات الزراعية، ومختلف فيه في المال المستفاد ـ كما سيأتي.
([1]) قال الكاساني في البدائع (2/824): ( ومنها الملك المطلق، وهو أن يكون مملوكًا له رقبة، ويدًا، وهذا قول أصحابنا الثلاثة، وقال زمر: اليد ليست بشرط، وهو قول الشافعي، فلا تجب الزكاة في المال الضمار عندنا .. كالشيء الضال والمال المفقود، والمال الساقط في البحر، والمال الذي أخذه السلكان مصادرة، والدّين المحجوب إذا لم يكن للمالك بينة وحال الحول، ثم صار بينة)
([3]) بدائع الصنائع (2/828 – 829) ويراجع: فقه الزكاة (1/162)